مَن قتلَ هادي المهدي ؟ طباعة

سعدي يوسف
القتل ( الطقوسيّ ) لهادي المهديّ : الركوع وإطلاق رصاصة واحدة في مؤخرة الرأس ،كان يعني أن العملية كانت مُسْـبَـقة التخطيط ، وأن منفذيها كانوا في منتهى الاطمئنان والثقة ، حتى كأنهم يشربون الشاي في مقهى.
هادي المهدي لم يكن سياسيّاً ، أعني أنه لم يكن محترف نشاطٍ في حزب أو حركة . كان فنّاناً مسرحيّاً يحبّ الحرية شأن أيّ فنّان . ولأنه لم يكن سياسيّاً أمسى من السهل استغفاله ، واللعبُ على براءته ، من جانب أيّ جهة سياسية محترفة لها أولويّاتُها البعيدةُ عن أحلام هادي المهديّ ، بُعدَ الثرى عن الثريّا كما يقال.

قد كنتُ أشرتُ في ملحوظة نُشِرَتْ في حينه إلى أن تجمُّعات ساحة التحرير كانت امتداداً لشارع المتنبي وشعاراته المضحكة ، وكنتُ أعني أن شعارات ساحة التحرير كانت سطحية ، غير راديكاليّة ، غير معنيّة بتحرير البلد والخلاصِ  من حكم العملاء وتحكُّمهم ... حتى كأن التجمُّعَ كان لِذاته.
المقصود من التجمُّعِ كان القول بأنّ هناك تجمُّعاً ، وأنّ أناساً معيّنين  هم قادرون على " تدبير" تجمُّعٍ .
مراكزُ " قوى " رديئة ، مؤيدة للاحتلال ، كانت تتخاصمُ لاقتسام المنافع والمناصب والنهب.
أمّا الساحة المتاحة ( وهي بالمجّان ) فلتكُنْ ساحة التحرير !
هادي المهدي صدّقَ أنه في مسيرةٍ للحرية.
هادي المهديّ كان من البراءة بحيث أنه وثِقَ بمن حرّضوه ، ولم يدْرِ أنهم جنّدوه مستغفَلاً ، لتحقيق أغراض هي إلى المناورة السياسية الدنيئة أقربُ .
مَن قتلَ هادي المهدي؟
النذل ،القوميسار الثقافي للاحتلال ، الذي اشترى شارع المتنبي  ...
هو مَن قتلَ هادي المهدي .
هادي المهدي قُتِلَ في بيته.
كما قُتِلَ كامل شياع عند أمِّهِ ، بينما يسكن قادتُهُ المنطقةَ الخضراءَ آمنين ...
آمين يا ربّ العالمين !

لندن 17.12.2012

اخر تحديث الإثنين, 17 دجنبر/كانون أول 2012 19:25