أنا العراقيّ ، كيف أستعينُ بنفسي … طباعة

هذه الأيام عسيرةٌ ، لفرْطِ تناوُبِ التوهُّج والتوجس فيها .
أنا أعرف المعادلاتِ كلَّـها ، أعني ما اتّـصلَ منها بترحيل صدّام حسين ، ومَـن يتولّـى الترحيلَ ، والأسباب والنتائج ؛ أعرفُ – حتى أسراراً أحياناً – عن المعارضة الوطنية في الداخل ، والمعارضة غير العميلة  في الخارج، وتلك العميلة ( أقصدُ المعارضة التي تتخذ الأشكال ذات الطابع المافيوي   – نسبةً إلى المافيا - ) ، كما أهتمُّ بمتابعة أنباء أشخاص المافيا من تنقّـلٍ وزيارات وتقافزٍ بين العواصم ( مراكز القرار ) مثل واشنطن وتل أبيب ولندن وأنقرة وطهران ، بل الرياض أيضاً … وبين الحين والآخر تبْـلغني أخبارٌ قد

تكون غير دقيقة عن المبالغ التي تلقّـاها هذا المافيوزو أو ذاك ، وعن تصفية حساباتٍ …إلخ . لكني امرؤٌ فقيرٌ ، مثل سائر أبناء شعبي ، ولهذا لم أكن شغوفاً بمتابعة هذا الجانب من نشاط المعارضة العميلة ( أقصدُ المافيا ) ، إلاّ أنني أرى من واجبي  متابعةَ الخرابِ السياسي المتصلِ بأنشطة المافيوزويين ( هذا شذوذٌ في الجمع ، فالمفروض أن أقول المافيوزويات ، فالقاعدة تقول إن الأعجمي يُجمَـعُ مؤنثاً سالماً  ، لكن المافيوزويين ليسوا مع حرية المرأة بإطلاقٍ ، وبعضهم يرى في المرأة أكثرَ من عورةٍ ينبغي أن تحجَب ، ولهذا فضّـلتُ هذا الشذوذَ في الجمع ) .
المافيوزو من هؤلاء ، ليس من حزبٍ أو جماعةٍ ، ولربما كان في أحد الأيام في حزبٍ أو جماعة ، لكنه الآن يعمل مثل ذئبٍ وحيدٍ ، جامعاً حوله عدداً من الخراف ، يباهي بهم الأممَ  ، ويدّعيهم حزباً  ، ويصدر لهم وريقةً يسمِّـيها صحيفةً : ( المؤتمر )  – ( بغداد ) – ( الوفاق ) … إلخ
ولأنّ المافيوزو ذئبٌ وحيدٌ ، نراه يمضي إلى مقاصده وحشيّـاً ، غير مبالٍ حتى بخرافه الذين شكّــلوا  هيأته العامة ، وهكذا سوف يغلق " الشليبي" صحيفته ، ويلقي بخرافه الكتَـبة إلى رصيف الخيبة ، بينما يتنقل هو في هليكوبترات الإحتلال ، ساعياً مثل أي ذئبٍ إلى غنيمته : سرقة الشعب الفقير . والمافيوزو الآخر والآخر ( همُ كُـثْـرٌ )  موظفٌ في وزارة الخارجية الأميركية ، ويحمل الجنسية الأميركية ، لكنه يعقد في العاصمة البريطانية " مؤتمر الديمقراطيين المستقلين " . ما علاقته بالعراق؟ ما علاقته بالديمقراطية ؟ ما علاقته باستقلالية الموقف ؟ لقد جمع ، كأي ذئبٍ وحيدٍ ، خرافه ، ولسوف يلقي بهم إلى رصيف الفضيحة ، حتى قبل أن يهيّـيء لهم وريقةً صفراء . ليس شرطاً أن يرتدي مافيوزو المعارضةِ العميلةِ زيّـاً أوربياً ، إذ قد تقتضي المهنة ارتداء الجبّـة والعمامة ، والطقطقةَ بالمسبحة ، لكنّ القاعدة تظل القاعدةَ ذاتها : أن تجمع عدداً من الخراف حولك ، وتحظى بالغنيمة وحدك حتى لو كانت أرضك مسجداً .
يَـحْـدثُ أن المافيوزو الحاليّ ، كان ذا مسؤولية عالية ، سياسية ، أو عسكرية ، أو إعلامية ، في أجهزة صدّام الحسّـاسة ، لكن هذا الأمر لن يجعل عضلةً تختلج في وجهه . إنه الذئب الوحيد ، وهو قد عارضَ صدّاماً ويعارضه أكثر منك … أعوامك الثلاثون في المعارضة والمنفى لن تعني شيئاً ، وهاهوذا يذهب إلى العراق قبلك مع مظليي الإحتلال . ومن يدري ، ربما اعتقلك ، أو أصدر أمراً باعتقالك وقتَ تعود !
أنا العراقي ، كيف أستعينُ بنفسي ؟
لقد مضى صدّام إلى جحيمه ، قريرَ العين ، بعد أن حقق أقصى ما يستطيع تحقيقه ضد الشعب الذي لم يرضخ له يوماً ، أعني تسليمَ العراق إلى الإحتلال .
الآن ، عليّ ، أنا العراقي ، أن أستعين بنفسي :
أرفضُ الإحتلالَ ، ومافيا الفالاشا .

                                                لندن 9 / 4 / 2003

اخر تحديث الثلاثاء, 16 مارس/آذار 2010 11:40