ألف رحمةٍ على روحكَ يا صدّام حسين : ما زال في لندن مَن يعيش على فضلاتك! طباعة

سعدي يوسف

في كوفنتْ غاردِن Covent Garden بلندن ، زقاقٌ متفرعٌ عند حانة " المفاتيح الثلاثة " . الزقاق شبه سكنيّ ، خاملٌ ، يكاد يكون بلا هويّة .
لكن المرء المعنيّ جدّاً سوف يلحظ لافتةً صغيرةً مكتوباً عليها :
جمعية الشِعر – مقهى الشِعر
وفي أُمّةٍ من التجّار والمحاربين A nation of traders and warriors ، أعني الإنجليز ، تبدو اللافتةُ غريبةً بصورةٍما .
لا بأس .
ثمّتَ مَن يذكرُ الشِعرَ في الأقل.

تدخل :
في المدخل بارٌ ضيّق ، رديء المشهد والخدمة ، يتولّى أمره شابٌّ أسودُ ، هو الحارسُ أيضاً .
وعليك أن تهبط لتكون في " القاعة "  ، وهي في حقيقة أمرها غرفةٌ قد تتّسعُ لخمسةٍ وعشرين كرسيّاً .
هنا القراءات التي لا يحضرها إلاّ  القاريء وأصحابه ، في العادة .
والحقّ أن " مقهى الشِعر " هو للتعرّف على الأعوان الجـدُد الذين يمكن الانتفاع منهم يوماًما في المسعى الإمبراطوريّ ، أكثر من كونه موئلاً للفن الرفيع .
*
تدير المقهى سيدةٌ  لا تحضر الأماسي .
لكنها تبعث إلى قائمة طويلة من الأسماء بالأنشطة . ومن المصادفة المحض أنني ضمن قائمة السيدة التي لا تحضر.
*
قبل أسابيع ، تلقّيتُ إشعاراً بأمسيةٍ تقامُ لشعراء من العالم ، شعراء مضطهدَين فقط .
ولأنني كنتُ أعتبرُ نفسي من ضمنهم ، قلتُ لأقرأ الأسماء .
فجأةً ، وفي مثلِ وخزةٍ في العين ، قرأتُ ( بالحرف الواحد كما يقال ) :
عدنان الصائغ ( العراق )
محكومٌ عليه بالإعدام
بسبب ديوان " نشيد أوروك ".
*
أفهمُ أن يكون المرء كاذباً .
محتالاً .
مزوِّراً ،
مهرِّجاً ،
قرداً  ...
قد تقتضي ضروراتُ الحياة والنجاة هذا .
أفهمُ ذلك ...
لكنْ أن يقول امرؤٌ عن نفسه إنه محكومٌ عليه بالإعدام كي يقرأ في مكان تافه بلندن ، مكان لايحضــره حتى أصحابُه ، فأمرٌ لم أتوقّعْـه من أحد ،
حتى من عدنان الصائغ ذي الخصال المعروفة.
*
لي ملحوظتان أخيرتان :
1_ عدنان الصائغ  مقلِّدٌ لا شاعرٌ .
2- عدنان الصائغ ، كان من عناصر الحماية لعديّ صدّام حسين ، شأنه شأن علي الشلاه .
*
الف رحمةٍ على روحك يا صدّام حسين !
لقد أدخلتَ فرداً من حماية ولدك عديّ  ، مقهى الشِعر التافه بلندن .

لندن 23.03.2012