سعدي يوسف قبل سنواتٍ ثلاثٍ أو نحوِها ، كنت أتحدّث في مقهى بإحدى عواصم الشمال الأوربي ، مع سيدةٍ من هناك . لم تكن السيدة الكريمة تعرفني معرفةً كافيةً . سألـتْني : أأنت سوريٌّ ؟ أجبتُ : بل أنا عراقي . لكنْ ... لِمَ سألتِـنـي إنْ كنتُ سوريّـاً ؟ ردّتْ : لأنهم يريدون سوريّين هنا . اسفسرتُ : ما الخبر ؟ قالت : لأنهم شرعوا يقِـيمون " القرية السورية " !
* وفي مثل البرقِ ، عادتْ بي الذاكرةُ المتعَبةُ إلى السنوات التي سبقت احتلال العراق ، حين أقيمت " القرية العراقية " في غير عاصمةٍ أوربية واحدة . في براغ . في بودابست ... إلخ . وتذكرتُ كيف أن عراقيّين ( وبينهم يساريّون معروفون ) شاركوا ، بأجرٍ مدفوعٍ ، في إقامة تلك " القرى " حيث سيتدرّبُ غزاةٌ متوحشون ، متعطشون للدم ، على احتلال العراق . * تلك " القرية السورية " ، تشيَّدُ ، باعتبارها قريةً سوريةً ، ببيوتها وأكواخها ، ودكاكينها ، ومقهاها . وسوف يتعلّم الجنودُ الأغرارُ ، الغزاةُ اللاحقون ، أشتاتاً من دارجةٍ سوريّةٍ ، وجانباً من عوائد السوريّين في قريتهم : التحية والمأكل والملبس ... إلخ . إنهم يبنون " قريةً سوريةً " في بلادهم ، ليهدموا القرى السورية ، في ســوريّـا ، على رؤوسِ أهلها الآمنين. لندن 12.01.2012
|