الجمعة, 19 أبريل/نيسان 2024
الرئيسية
سيرة ذاتية
الاعمال الشعرية الكاملة
قصص قصيره
ديوانُ الأنهار الثلاثة
جِـــــــرارٌ بِلونِ الذهب
الحياة في خريطةٍ
عَيشة بِنْت الباشا
قصائـدُ هَـيْـرْفِـيــلْـد التلّ
طـيَـرانُ الـحِـدْأَةِ
الخطوة السابعة
الشــيوعــيّ الأخير فقط ...
أنا بَرلــيـنيّ ؟ : بــانورامـــا
الديوانُ الإيطاليّ
في البراري حيثُ البرق
قصائد مختارة
ديــوانُ صلاة الوثني
ديــوانُ الخطوة الخامسة
ديــوانُ شرفة المنزل الفقير
ديــوانُ حفيد امرىء القيس
ديــوانُ الشــيوعــيّ الأخير
ديــوانُ أغنيةُ صيّــادِ السّمَك
ديوان قصــائدُ نـيـويـورك
قصائد الحديقة العامة
صــورة أنــدريــا
ديــوانُ طَــنْــجـــة
ديوان غرفة شيراز
ديوانُ السُّونَيت
أوراقي في الـمَـهَـبّ
ديوان البنْد
ديوان خريف مكتمل
مقالات في الادب والفن
مقالات في السياسة
أراء ومتابعات
البحث الموسع
English
French
Spain
المتواجدون الان
يوجد حالياً 258 زائر على الخط
بــانورامـــا


تلك البلدة الصينيةُ على النهر طباعة البريد الإلكترونى

تلك البلدة الصينية التي لم أتأكّد من اسمِها حتى اليوم: وِي- يو ؟ يو- وِي ؟
تلك البلدة الصينيةُ التي على النهر ، القريبة من شنغهاي ، كم أودّ العودةَ إليها !
أودُّ العودة إليها مقيماً لا زائراً.
صديقي الصينيّ إدوارد سمّاها قريةً .
لماذا ؟
قال: سكّانُها ثلاثة ملايين !
قلتُ مبتسماً : لكنّ في أوربا عواصمَ يقاربُ عددُ سكّانِ الواحدة منها ، عددَ سكّان وِي-يو!
ضحكَ إدوارد : لكننا في الصين ...
*
كنت في فندقٍ صغيرٍ هناك ، فندقٍ ملتصقٍ بحديقةٍ عامّةٍ على ضفة النهر . أخرجُ مع جوان من الفندق ، فنخترق الحديقةَ لنصل إلى الضفةِ ، ونسير على امتداد الضفة لنبلغَ الجســر الذي يصلُ بين جانبَي المدينة. نحن نريد العبورَ إلى الجانب الآخر ، حيث الأسواق والمطاعمُ والبرج القديم ذو الألف عامٍ.
وأنا أعبرُ الجسرَ ، هنا ، أحسستُ بما يشبه العبور من الرصافةِ إلى الكرخ .
قطعتُ جسوراً كثيرةً في هذا الكوكب ، من جسرٍ على نهر ألدرينا إلى جســر بروكلِن،
لكنّ إحساسَ العبورِ من الرصافةِ إلى الكرخ لم يأخذني معه ، إلاّ هنا .
كنا نعبر الجسرَ ، لنتناولَ فطورَ الصباح ، فالفندق الصغير لا يقدمُ أيّ وجباتٍ . إنه فندقٌ صغيرٌ حقاً ، لا يكلفنا المبيت فيه سوى عشرة جنيهات بريطانية لغرفةٍ ذات سريرَين.
في الصباح الأول ، لم نستدلّ على مكانٍ يقدم فطوراً. وقفنا عند دكّانٍ . طلبتُ زجاجة بيرة وكعكةً . جوان طلبت عصيرَ فاكهةٍ وكعكةً . لا موضع جلوسٍ . جاءت زوجة صاحب المحل مع طفلِها . قدّمتْ لنا كرسيينِ واطئينِ ، وطرَفينِ من قصبِ السكّر . جوان ترى قصب السكّر للمرة الأولى. الطفل المتوجسُ شــرع يلعب معنا.
إدوارد اتّصلَ بنا عبر الموبايل : أين أنتما ؟
أعطينا المرأةَ الموبايل لترشدَ إدوارد إلينا.
*
صباح اليوم التالي أفطرْنا مع الطلبة والموظفين الذاهبين إلى أعمالِهم في واحدٍ من تلك " المطاعم"
السفريّةِ التي تشتهر بها الصين .سأعودُ إلى تلك البلدةِ التي على النهر ، لأعبرَ الجســــر!

 
نـــداءُ الأرضِ طباعة البريد الإلكترونى

ولِمَن تُرى أنوي  الرسائلَ؟ منذُ قَرنٍ لم يُسَـلِّمني البريدُ رسالةً ، لا مِن صديقٍ كنتُ آمُلُ ، أو رفيقٍ كنتُ اذكرُ.تَـعْـبُرُ السنواتُ كالطيرِ الـمُـغِـذِّ أو السحابِ. وفي الحديقةِ تَسْـمُـقُ
الشّتلاتُ أشجاراً.ســماءٌ في نصاعةِ رُبْـعِـنا الخالي. وماءٌ كالفراتِ.وكأسيَ اتّقَــدَتْ.
وفي خيطِ القميصِ يطولُ لَـبلابٌ وتولَدُ زهرةٌ من غصنِ دُفلى.كنتُ أنعَسُ في قطارٍ للسكارى
شــرقَ برلينَ. النساءُ مُـنَـقِّـباتٌ في ســراويلِ الرجالِ النائمين عن النحاسِ الغضِّ.
أسترخي. النساءُ منَقَّباتُ يرتدِينَ عباءةً ســوداءَ في شــرقِ الجزائرِ . والرجالُ تبختَروا
بالبرنسِ الوبَــرِ . النخيلُ مقدّسٌ في واحةِ الأغواطِ.وهرانُ القديمةُ تسكنُ الكتبَ القديـمةَ
والسجلاتِ التي تركَ الفرنسيّونَ للعثِّ .الطريقُ مُـلَـغَّـمٌ من سِيدي بلعبّاس حتى وجدةَ.
" الناضورُ " ملتبِسٌ.تراه مغربيّاً تارةً ، فجزائريّاً تارةً أخرى ، وأحياناً ترى قشتالةَ العليا تطلُّ.
ودِدْتُ لو طوّفتُ دهراً في مقاهي " وجدةَ " الليليةِ .انتبهَ الـمُـغَـنّي ، قال لي : من أين
أنتَ ؟ أدورُ في بَتَلاتِ وردتيَ. الدمشقيّاتُ يؤثِرْنَ الـمُـضِـيَّ إلى النهايةِ. سوفَ أبنـي
منزلاً قربَ " الـمَـعـرَّةِ "  ، كي أطوفَ ، العُـمْـرَ ، عند ضريحِ شـيـخي.كان
نورٌ  في الدّجى يَنْهَــلُّ من صحنٍ به عدَسٌ ، ومن كوزٍ به ماءٌ.ســأتلو كلَّ ديوانِ اللزوميّاتِ ، حتى تدركَ البصرَ الغِشــاوةُ.ها ،و ، ها . ها ، ها ، و، ها. ها، ها ، وَ ها.
يمضي قطارٌ شــرقَ برلينَ. القطارُ محَـمّـلٌ ببضاعـةٍ ليستْ تُباعُ فـتُـشتَرى . هي
من بقايا منزلٍ متهدِّمٍ قد كانَ يوماً قصرَ هتلرَ.أقرأُ الصحُفَ الصباحيّاتِ.يلتبسُ الزمانُ عليَّ.
كان الفندقُ العالي بدربِ الزيزفونِ مَنامَ لينين وماركسَ .غيرَ أني في الصباحِ وجدتُ إنجيلاً
يخربِشُ جبهتي تحت الوســادةِ.ســوفَ اذهبُ في سبيلي. سوف أتركُ كلَّ هذا ،
ثمّ أصعدُ مُرتَـبىً مُتطامناً في فنزويلاّ ، كي أبلغَ الأنديزَ بعدَ مسيرةٍ كبرى .ســأرقى
القمّةَ العُلــيا التي غنّى لها سيمون بوليفار. أبْـلُـغُـها ، وأجلسُ في مهَبِّ الريــحِ
مُـحْـتَـبِـياً ، تـهاليلي لآلهةِ الهنودِ ، وجبهتي للوشــمِ . أفعى تحتوي قمراً...
أأسمعُ مَن يناديني؟
أأسمعُ مَن ينادي؟
أهوَ صوتُ الريحِ؟
صوتُ إلهِ بوليفار...
صوتُ الصمتِ ، والحريّةِ الـنُّـعْـمى؟
نداءُ الأرض ...

برلين 24.06.2010

 
كيف انتهيتُ إلى تلك الشقّـةِ ... طباعة البريد الإلكترونى

كان الصيف البرلينيّ رائقاً. شمسٌ ناعمةٌ.شجرٌ مخضلٌّ بندى الليل.فتياتٌ أشباهُ عرايا. مقاهٍ مزدحمةٌ دوماً. وأكشاك مآكلَ ألمانيّةٍ تقليدية ، و "شاورمة"  تركيّة.
كنت أعرف العنوان. الشقة قريبةٌ من ألكسندر بلاسّــه ، وليست بعيدةً عن "  سوق آسيا "
المتخصص ببيع المواد الغذائية الصينية. أقرأُ الأسماءَ على لوحة أجراسِ الساكنين. اسمُها بين الأسماء.
أضغطُ على الجرس.  تنفتح بوّابةُ المبنى. أدخلُ . أقطعُ مدخلاً غيرَ طويلٍ. أجدُني عند الباب الخلفيّ لمطعمٍ تايلانديّ. أحدُ العمّالِ كان يتناول وجبةَ الظهرِ هناك. الوجبة ( المجانية افتراضاً ) متواضعةٌ جداً. أنا الآنَ عند بوّابةٍ ثانيةٍ من الحديد الثقيل تنفتحُ على سلالم  . شقّة ديزي في الطابق الأعلى.الصعودُ مرهِقٌ ، ربّما لأني ارتقَيتُ الدّرْجاتِ متلهِّفاً. كان بابُ الشقّةِ مفتوحاً
و ديزي واقفةٌ بالباب ، تبتسمُ ابتسامةً شبه ماكرةٍ:
 استدللْتَ ، إذاً ؟
* لن يضيعَ مَن يقصدكِ !
- كانت الشقّة تطلّ على ساحة ألكسندر بلاسّـه ، لكنهم بنَوا هذا الفندقَ البشع فحجبَ الساحةَ.
الشقة بدتْ لي أصغرَ شقّةٍ رأيتُ في حياتي. غُرَيفةٌ واحدةٌ فيها زاويةٌ للطبخ ، وثلاجةٌ صغيرة. نافذةٌ واحدة. عند البابِ مرافقُ صحيّة ، ومَرَشّ استحمام.
لديّ عقدةُ الضيقِ بالمكان الضيِّق ( كلوستروفوبيا ).
قلتُ : لنخرجْ !
قالت: إلى أين؟
أجبتُ : إلى المدينةِ . إلى أي مكانٍ . دعينا نتناولُ الغداءَ معاً.
*
خرجنا من المبنى.
ورحنا نتجوّلُ ، بلا مقصدٍ .
 أنا مع ديزي للمرة الأولى في برلين . كنتُ رأيتُها في لندن مرّتَين ، مصادفةً . لم تكن بيننا علاقةٌ.
  على أي حالٍ . دخلنا مطعماً في حيّ شعبيّ ببرلين الشرقية التي أطمئِنُّ إليها . طلبنا "شْـنِتْسِـلْ"  ، وشــربنا زجاجةً كاملة من نبيذٍ أحمرَ ثقيل.
عُدنا إلى الشقّةِ ، لنرقدَ متعانقَينِ حتى انتصفَ الليلُ !

 
ســوقُ البراغيثِ طباعة البريد الإلكترونى

اليوم أحدٌ.
يومُ الله ، كما يقالُ هنا.
لا عمل.  كلُّهم نَؤومُ ضحىً. يذهبون إلى الكنيسة ، بالطبعِ أو التطَـبُّعِ ، مع أن عدد المصلِّين انخفضَ بنسبة45% . أمرٌ ممتازٌ ، معناه أن العلمَ انتصرَ على الخرافة. صرتُ أحترمُ المواطنين العاديّين أكثر.
لم يَعُد الأحدُ يومَ الله.
وقتٌ مناسبٌ للتسكُّعِ ، ورفاقِ الحانةِ ، والشواءِ في الحدائق الخلفيّةِ ، أو البقاءِ في المنزل مع الأسرةِ.
وبين ما يختارُ المرءُ من مُتاحٍ : ســوقُ البراغيث!
المصطلح ذاتُه ، تجده في اللغةِ الإنجليزية وفي الفرنسية ، في الألمانيةِ ، وفي لغاتٍ أوربيةٍ أخرى.
في بغداد يسمّونه ســوق هرَج.
وإن اختلفَت الرؤيةُ.
*
لستُ من الـمُـغرَمينَ بالتسوّق، سواءٌ في ذلك لندن ودُبَيّ وباريس. والسببُ بسيطٌ جداً ،
بسيطٌ حدَّ اللعنةِ ، فأنا امرؤٌ  أنعَمَ الله عليه بنعمةِ الفقرِ ، فجـنّـبَــه متاعبَ الشراءِ والبيعِ
والتملُّكِ ، والتردّدِ على الأسواقِ ، ووضْعِ النفْسِ  معروضةً ، مخذولــةً ، في المزادِ.
لكنّ ســوقَ البراغيثِ ليس كسائر الأسواق.
إلى هذا السوقِ تأتي النسوةُ بما يمكنُ الاستغناء عنه ممّا ذخَرَ البيتُ : أباريق شاي.أصص أزهار.حقائب. ملابس ، حلي ...
وإلى هذا السوق يأتي رجالٌ بما أمكنهم الاستغناء عنه : كتب. غلايين. حقائب سفر. عدّة حلاقةٍ للمسافر ، حذاء تسلّقٍ ...
والسوقُ ، إلى هذا وذاك ، مَرْبَـعٌ وملتقى ، ومرتعٌ للأطفالِ ، ونقطةُ مواعيد للعشّاق.
لقد أحببتُ ســوق البراغيث حدَّ أنني وقفتُ ، بائعاً ، في صبيحةِ أحدٍ رائقٍ ، مع صديقتي النمساويةِ ، وهي تستغني عن الكثير ممّا لم تَـعُـدْ بحاجةٍ إليه.
آخرُ ما اقتنَيتُ من سوق البراغيث ، بلندن ، ثلاثة مجلدات من أعمال أريك هوبسباوم ، هي:
عصر التطرّف. عصر رأس المال. حول التاريخ !

 
مصـطـبةُ الـبُحــــيرةِ طباعة البريد الإلكترونى

المرأةُ ذاتُ الأعوامِ الخمسةِ والتسعين تشاركني مصطبةً عند الشاطئ . كانت سفنُ النزهةِ تنتظرُ الركّابَ  ، إلى لحظةِ  إقلاعِ  الـمَرْكبِ " موبي دِكْ" . والمرأةُ ذاتُ الأعوامِ الخمسةِ والتسعين
تُـتَـمْـتِمُ أغنيةً عن أُذُنٍ لا تسمعُ . عن أطرافٍ لا تنفعُ. عن أرصفةٍ تتذكّــرها الآنَ.
تقولُ المرأةُ : لم يكن المشهَدُ قبل سنينَ كما تشهدُه  الآنَ .لقد قطعوا  الأشجارَ ، وكانت
تحجِبُ مرأى الماءِِ.و ها أنت ترى أن الدنيا تتغيّرُ.
 هل تعرفُ ماذا كانت هذي الضاحيةُ النهريّةُ من برلينَ الأصليّةِ ؟
لم تكُ شيئاً. وأقولُ لك : الآنَ ... الضاحيةُ النهريةُ لا تعني لي شيئاً
أعوامي الخمسةُ والتسعون  تُـسَـمِّـرُني ، جنبَكَ ، عندَ المصطبةِ.اللعنةُ!
 أطرافي لا تنفعُ .
 أذني لا تسمعُ .هل تســمعُني ؟
......................
......................
كانت  شمسُ أصيلٍ صيفيٍّ ، تلعبُ في وجه المرأةِ ذاتِ الأعوامِ الخمسةِ والتسعينَ .
 وكنتُ
عميقاً أُنصِتٌ ...
كنتُ
بعيداً أســري في أعوامِ المرأةِ ذاتِ الأعوامِ الخمسةِ والتسعين.
أنظرُ في الوجهِ المتورِّدِ تحتَ الشمسِ الصيفيّةِ
أنظرُ في الشاطئ ...
......................
......................
......................
كان  الـمَـرْكبُ " موبي دِكْ "
يُقْـلِعُ.

برلين 27.06.2010

 
<< البداية < السابق 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 التالى > النهاية >>

Page 6 of 10
akeer.jpg
فيلم " الأخضر بن يوسف "
لمشاهدة فيلم الأخضر بن يوسف اضغط هنا
المواضيع الاكثر قراءه
البحث