|
الشيوعيّ الأخير يذهب إلى البصرة |
|
|
وقالتْ له : أســرَفْتَ ! كلُّ مدينةٍ حللْتَ بها أغفَلْتَ عن أهلِها الفكرةْ كأنّ مَدارَ الكوكبِ اختَلَّ سَــيرُهُ فلم يَبْقَ من ذاكَ الـمَدارِ ســوى البصرةْ ... * ولكنني فكّرتُ ... إنّ صديقتي تقولُ صواباً ؛ كيفَ أنسى ديارَها ، حديقتَها ، والشُّرْفةَ ؟ الصيفُ أرسلَ الرسائلَ . والكرسـيُّ ما زال يقصدُ البِيانو . الفتى الهنديُّ يُلقي سلامَهُ ســريعاً ، وأعلى دوحةِ السَّـرْوِ حَطَّ طائرٌ عجيبٌ . أ مِن فردوسِ " لِيزا " أُســافرُ ؟ * تعلّمتُ أن أحكي ، فلستُ مُـكَـتِّـماً هواجسَ ليلي الأربعينَ : أنامُ في جناحَي غُرابٍ . والسعالي ضجيعتي. ومن دميَ المسفوحِ لَونُ الحوائطِ ... انتهَيتُ إلى أن أرضعَ التّيسَ . أن أرى تماسيحَ من قارٍ تُغَنّي وأن أرى خيولاً عليها من عيونٍ حوافرُ ... * وتسألُني " لِيزا " وقد أطبَقَ الدُّجى : سمعتُكَ تهذي ... كنتُ أحسَبُ أنني أهيمُ بِوادي الجِـنِّ ! هل كنتُ نائماً بِوادي الذئابِ ؟ الليلَ تَخْتَضُّ ... ناضحاً شفيفَ دمٍ ... مستنفَدَ الصوتِ . ربّما ستفعلُ شيئاً في الغَداةِ. كأنني أراكَ إلى حيثُ انتويتَ تغادِرُ ... * القصةُ ، وما فيها ، يا أصحابي ، ويا رفاقي ( لا أدري إنْ كنتم لا تزالون تستعملون كلمةَ " رفيق " ... لا يَهمُّ ) أن الشيوعيّ الأخير ، ذهبَ قاصداً البصرةَ ، بعدَ أن ودَّعَ حبيبتَه " لِيزا " التي أوصَتْهُ بألاّ يدخلَ البصرةَ بعدَ طولِ غيابٍ ، إلاّ تحتَ الرايةِ الحمراءِ. * في البصرةِ راياتٌ سُــود في البصرةِ راياتٌ بِيض في البصرةِ راياتٌ من نخلٍ ذي أعجازٍ خاويةٍ ... لكنّ في البصرةِ ، أيضاً ، وبلا كلامٍ ( أرجوكم ! ) : راياتُ الملِكةِ أعلى من كلِّ الرايات ! ( المقصودُ بالملكةِ هنا : إليزابَث الثانية ( الأولى كانت تُمَـوِّلُ القرصانَ فرانسِسْ دْرَيك في القرن السادس عشــر ، الميلادي طبعاً ) وإليزابَث الثانيةُ هي ملكةُ انجلترة والبصرةِ وما جاورَها ، في القرنِ الحادي والعشرين ) * وها هيَ ، ذي ، إذاً ... أسطورةُ الراياتِ تتْبَعُ فُوَّهاتٍ من بنادقِ أهلِها ! لكنني ، وأنا الشيوعيّ الأخير ، أظلُّ أحملُ رايتي الحمراءِ ... هل ضاعتْ بنادقُنا ؟ نسِيناها ؟ اتَّـخَــذْنا غيرَها ؟ أمْ أننا ضِعْنا وقد ضاعتْ بنادقُنا ؟ سلاماً للنصيرةِ ! للنصيرِ ! لِـفِـتْـيَــةٍ رفعوا على القُـنَـنِ الغريبةِ والروابي ، الرايةَ الحمراءَ سوفَ نعودُ للقِمَمِ! الصباحُ الـجَهْمُ يُطْلِقُ بـوقَــنــا : بوقُ القيامةِ نحنُ ... أحراراً شيوعيّينَ نرفعُ رايةً مَـرْوِيّــةً بدمٍ وأوحالٍ وندخلُ أرضَــنا ... ........................ ........................ ........................ سنكونُ أجملَ من نهايتِــنــا ... لندن 25.05 .2006 |
|
الشيوعيّ الأخير يسبح في خليج عدَن |
|
|
قد طالَ ما ألقَيتُ أثوابي وأتعابي على حَجرٍ ، لأسبحَ في الخليجِ ... إلى يميني شــاطيءٌ متردِّدٌ بين الحصا والرملِ ، ألـمحُ في يساري ، عالياً ، بين الصخورِ ، فَناريَ الأعمى وكان البحرُ يهدأُ في الخليجِ وتلعبُ الأسماكُ بالألوانِ : أحمرَ ، أصفرَ ... الفسفورُ يطفو ، والقواقعُ تختفي في الموجِ ؛ ثَـمَّ هسيسُ أطرافِ الســراطينِ الـخَفِـيُّ وحبْلُ مرساةٍ تَقَطَّـعَ قبلَ أعوامٍ ، وأهبِطُ ... كنتُ ألـتَمِسُ انغماراً لا يفارقُـني ... انغماراً يجعلُ الجسدَ امتداداً للمياهِ وللنجومِ اللامعاتِ هناكَ في القاعِ؛ انغماراً لا تُـمَـيِّـزُ فيهِ بين يدَيكَ والشمسِ. الخليجُ يُطِلُّ من عدَنٍ على عدَنٍ ومِن عدَنٍ على يَـمَـنٍ سيُبْحِرُ في الصباحِ ليبلُغَ الجنّاتِ ..................... ..................... ..................... ما أبهى الـمَـعادَ ! كأنني ما زلتُ في عدَنٍ ؛ وأثوابي وأتعابي على حَجَــرٍ هناك ! لندن 31.05.2006 |
اخر تحديث الجمعة, 07 ماي/آيار 2010 22:48 |
الشيوعيّ الأخير يعودُ من الشــاطيء |
|
|
كان الشيوعيُّ الأخيرُ يدورُ بينَ محطّةِ الباصاتِ والمقهى الصباحيّ ... النوارسُ لا تزالُ تدورُ زاعقةً فُوَيقَ الناسِ والطُّرُقاتِ والـحِصْـنِ القديمِ ، و لا تزالُ صَبيّـةُ المقهى تُعَـدِّلُ شَعرَها المنفوشَ ليلاً ؛ - يا صباحَ الخيرِ ! لم أعرفْ بأنكَ ههنا ... · قد جئتُ أمسِ ، لكي أعودَ اليومَ ! - قُلْ لي : أيُّ شيطانٍ قد استدعاكَ ؟ يأتي الناسُ كي يستمتعوا بالبحرِ والرملِ الدفيءِ ؛ وأنت تعودُ كالمجنونِ؟ · ليس الأمرُ هذا ... قصّتي كانت مفاتيحي ! ......................... ......................... ......................... أتعرف؟ كنتُ بعدَ شتائنا القاسي وقضقضةِ العظامِ أُحِسُّ بلهفةٍ للبحرِ . كنتُ أريدُ أن أُلقي بأتعابي وأثوابي على رملِ الشواطيءِ ... نحن ملاّحونَ في المعمورةِ ! البحرُ المحيطُ يُـتِـمُّ رِحْلتَنا ويَبدؤها . أتحسَبُني تركتُ البحرَ والرملَ الدفيءَ وفتنةَ الأجسادِ مختاراً ؟ كأنك يا صديقي لستَ تعرفُني ! ألم أُخبِرْكَ ؟ ليس الأمرُ هذا . قصّتي كانت مفاتيحي . أتيتُ إلى المدينةِ ، ( ولْـتَـكُـنْ Eastbourne ) . واستأجرتُ غرفةَ منزلٍ . ومشَيتُ نحوَ الشاطيءِ . الأمواجُ كانت كالجبالِ . وثَـمَّ ريحٌ صَـرصَـرٌ . والناسُ يرتعدون من برْدٍ عرايا . فتنةُ الأجسادِ قد ذهبتْ مع الريحِ ! انتظرتُ دقائـقَ ... الموجُ العنيفُ يُرَشـرِشُ الممشى . ويَبلغُ أوّلَ المقهى . إذاً ، هل أرتمي في الماءِ ، أم أرتدُّ نحـوَ غُرَيفَتي بالمنزلِ ؟ استجمعتُ بُقْـيا من حماقاتِ الصِّـبا ، وهبطتُ ، مثلَ قذيفةٍ في الماءِ . * هل كنتَ تدري أنني متمرِّسٌ بالغوصِ ؟ ذاكَ الصبحَ في إيستبورنَ ، غُصْتُ إلى قرارِ البحرِ . كان القاعُ أصلعَ . لا نباتَ و لا قواقعَ فيهِ . والأسماكُ قد رحلَتْ إلى بحرِ الشمالِ ... الكهرمانُ هناكَ. والمرجانُ ينبتُ في الجنوبِ . وهكذا قرّرتُ أن أعلو إلى حيثُ المقاهي والملاهي والهواءُ . لقد أطْلَلْتُ ... أدركتُ الحقيقةَ . ليس في القاعِ العجيبِ سوايَ . سـوفَ أقولُ للناسِ ، الحقيقةَ . سوف أرفعُ في مقاهي البلدةِ البحريّةِ الأنخابَ. سوف أقولُ : مرحىً للشيوعيّ الأخيرِ ! ومرحباً بفضيحةِ الأسماءِ والأشياءِ ... مَجْدُكَ أن تغوصَ إلى قرارِ البحرِ مجدُكَ أن تقول ! * والآنَ تسألُني عن المفتاحِ ؟ سوف أقولُ شيئاً مضحكاً : ضاعتْ مفاتيحي بقاعِ البحرِ ... لكني أُخَـبِّـيءُ نسخةً أخرى بلَبلابِ الحديقةْ ! لندن 04.06.2006 |
|
الشيوعيّ الأخير يشــتري قميصاً |
|
|
ظلَّ الشيوعيّ الأخيرُ ، هو ، الفقيرَ ... فإنْ تدَبَّـرَ أمرَهُ يوماً ، وصارَ المالُ يملأُ جيبَــهُ ( تأتي مُصادفةً ) تأبَّطَ مالَهُ ومضى يبدِّدثهُ : المقاهي والمطاعمُ ، والصديقاتُ اللواتي صِرْنَ قد أحبَـبْــنَــهُ تَـوّاً ... ورُبّـتَـما تذَكّـرَ أمرَهُ - أن يشتري ، مثَلاً ، قميصاً ! .......................... .......................... .......................... كم أحَبَّ السوقَ ! تلكَ الواجهاتِ ، وباعةَ السِّـلَعِ الـمزوَّرةِ الصبايا العاملاتِ وذلكَ الصعلوكَ عندَ المدخلِ الخلفيّ للبارِ العتيقِ ... وكم أحَبَّ مصاطبَ السوقِ ! العجائزُ ، والسكارى الصُّبْحَ ، والأطفال ... والشجرُ الذي ما زال يَعْبَقُ بالندى الليليّ ... ينتبهُ الشيوعيُّ الأخيرُ : ألَمْ أجيءْ كي أشتري شيئاً ؟ قميصاً رُبَّــما ؟ ........................ ........................ ........................ يدنو من البارِ العتيقِ يُمازِحُ الصعلوكَ ... يدعوهُ إلى كأسٍ ، وصحنِ فطائرٍ بالـجُـُبْنِ ينتبذانِ زاويةً . ومثلَ البرقِ يقتنعُ الشيوعيُّ الأخيرُ بأنّ لونَ قميصِهِ أبهى وأنّ تجارةَ القمصانِ ليستْ شــأنَـهُ ؛ أنّ الحياةَ تريدُهُ حُرّاً ، وأحمرَ أنّ لونَ قميصِهِ سيظلُّ أحمرَ قانياً ، ولْتسقط القمصانُ إنْ كانتْ ستَعْـرِضُ بَيعَــهُ ، هوَ ، في مَزادِ الســوقْ ... لندن 05.06.2006
|
الشيوعيّ الأخير ينتظرُ الحافلة |
|
|
أنا منذُ الفجرِ ، هنا ، في هذا الموقفِ ، أنتظِـرُ الباصَ الأحمرَ ... مرّتْ سيّاراتٌ وقطاراتٌ مرّتْ باصاتٌ بالعشــراتِ ولكنّ الباصَ الأحمرَ لم يأتِ ولم أسمعْ خبراً عنه ... حتى ابنُ رفيقي لم يُـعْــنَ بأنْ يَسْــمَـعَـني حين استفسرْتُ ! إذاً ... سأظلُّ هنا منتظِراً : مرّتْ بي السنواتُ ومرّتْ بي الباصاتُ ومرّتْ بي الفتَياتُ ... فلم ألْحَقْ واحدةً منهنّ ... ولم أستمتِعْ بالضحكاتِ وبالشهقاتِ ؛ الباصُ الأحمرُ لاحَ أخيراً في المنعطَفِ ! الباصُ الأحمرُ لم يتوقَّفْ ! لوَّحْتُ صرختُ ولكنّ الباصَ الأحمرَ لم يتوقّفْ ! ........................ ........................ ........................ جاءَ ابنُ رفيقي مرتبكاً : هل تَعْلَمُ أن السائقَ باعَ الباصَ الأحمرَ ؟ إنّ لديهِ الآنَ مواقفَ أخرى ودروباً لا نعرفُها ... ومقاعدَ قد حُجِزَتْ ســلَـفاً ، للصوصٍ معروفين ! ..................... ..................... ..................... ماذا نفعلُ ؟ سوف نسيرُ ونسألُ ... لندن 07.06.2006 |
|
|
|
<< البداية < السابق 1 2 3 4 5 6 التالى > النهاية >>
|
Page 5 of 6 |