|
شـــهادةُ جنسيّــــةٍ |
|
|
في العراق ، يتعــيّن على الفردِ ، كي يُثْبِتَ انتسابَه إلى بلــدِهِ ، استصدارُ وثيقتينِ : الأولى تدعى الجنسية ، وتتضمّن معلوماتٍ عن مكان الولادةِ وتاريخِها ... إلخ . أمّا الثانية فتُدْعى شــهادة الجنسية ، وهي لازمةٌ للقبول في الجامعة ، والوظيف العمومـي ، والانتساب إلى الجيش والشرطة والأمن ، وتتضمّن معلوماتٍ عن أصل العائلة ، وعمّا إذا كانت من التبعية العثمانية أو الإيرانية . عربيٌّ من العراقِ ... أنا : البصرةُ ، بــــيتي ونخلتي . وأنا النهـــرُ الذي سُــمِّـيَ باسمي ورمــلةُ اللهِ دربي وخيمتي . الأثَــلُ الشاحبُ ســـــقفي وملعبـي ، وخليجُ اللآليءِ - الوعد ِ لي . والبحرُ لي . والسماءُ دوماً سمائي . عربيٌّ من العراقِ ... أنا : البصرةُ ، بــــيتي ونخلتي . وأنا النهـــرُ الذي سُــمِّـيَ باسمي ورمــلةُ اللهِ دربي وخيمتي . الأثَــلُ الشاحبُ ســـــقفي وملعبـي ، وخليجُ اللآليءِ - الوعد ِ لي . والبحرُ لي . والسماءُ دوماً سمائي . * عربيٌّ من العراقِ ... أنا : الكوفةُ ، ما خُطَّ في العـــــــروبةِ خَطٌّ قبلَها . والعواصمُ الألفُ ما كانت سوى من كِنانـتِـها . بيتُ عليٍّ ، والمســــجدُ الجـــامعُ ، والنهرُ . هل تخَطَّـينا الكتابةَ ؟ الحرفُ كوفيٌّ ، وقرآنُنا وصيٌّ عليها . * عربيٌّ من العراقِ ... أنا : المَوصلُ ، خيلٌ وخُضرةٌ . كان سيفُ الدولةِ الأميرَ ، وكانت حلبٌ أُختَها . السفائنُ في النهرِ . الـمُـغَـنّونَ في الضفافِ . هنا صاحبُ البريد أبو تمّامٍ . المرمرُ الصقيلُ هي الموصلُ ، والأهلُ ، والنضــالُ الطويلُ . * عربيٌّ من العراقِ ... أنا : هذا الفراتُ ، الذي يوحِّــدُ أهلاً ، وبلاداً ، وأُمّــةً . كلُّ كفٍّ من مائهِ موعدٌ في جنّـةِ الخُلْـدِ . يا صبايا الفراتِ ، صبراً ! لكُنَّ النهرُ والفخـــرُ ... سوف يأتي زمانٌ للتهاليلِ . نحن نُقْسِـمُ بالنهرِ ، وباللهِ ، والسوادِ الأصيلِ . * عربيٌّ من العراقِ ... أنا : بغدادُ ، موصوفةً بما ليس في الوصفِ . الكتابُ العصيُّ . والجنّـةُ . الدربُ المؤدِّي إلى الدروبِ . أتاهــا كلَّ عصرٍ برابرةٌ . لكنّها أحكمتِ الأنشــوطةَ . العزيزةُ بغدادُ . والأســيرةُ بغدادُ ، والأميرةُ بغدادُ ... والجدارُ الأخـــــــيـرُ . لندن 20.9.2006 |
|
رياح الأطلســيّ |
|
|
تأتي رياحُ الأطلسيّ وقد جلبْنَ الماءَ محمولاً بآلافِ الصهاريجِ التي صُبِغَتْ بلونِ الغيمِ ... ثمّتَ سِــربُ طيرٍ جاءَ من إفريقيا ومصائدٌ للأرنبِ البرّيِّ ؛ ثمّتَ غفلةٌ ، وســعادةٌ ليستْ تبِيْــنُ ومَوطِيءٌ في مَسْلَكِ الأحراشِ للسّـارينَ فـي الليلِ ... الرياحُ وئيدةٌ حتى كأنّ الغيمَ يَـثْقُـلُ فوقَ داري ثم يدخلُ في الحديقةِ ... كانت الأزهارُ ( جيرانيوم ) تلمُســهُ ، وتشربُ ماءَه العذْبَ ، العناكبُ لا تزال تُقِـيمُ ، واثقةً ، مصائدَها وتَكْــمُنُ ... والرياحُ وئيدةٌ ماذا سيَحْدُثُ لو أخذتُ عصايَ ، بعد دقيقةٍ ، وهجرتُ ما أنا فيهِ منطلقاً إلى ما لستُ أدري ؟ كلُ ما في الكونِ يرتحلُ : الكواكبُ ، والأفاعي ، والثعالبُ ، والضفادعُ ، والزرازيرُ الذئابُ ، ودودةُ الأرضِ ، الخنافسُ ، والجذورُ ، وزهـــــرةُ الخشخاشِ ، والموتى ، وأوراقُ الخريفِ ، وبذرةُ الــــتفّاحِ إني الآنَ أخطو خطوتي الأولى الرياحُ وئيدةٌ وعصاي تمضي بي إلى ما لستُ أدري ... لندن 30.9.2006 |
الـــجحـــيم |
|
|
تجلسُ امرأةٌ في المسافةِ ما بين مطبخِها الأمريكيّ والكهفِ حيثُ السريرُ الذي قُــدَّ من خشبِ الوردِ . تجلسُ دُمْــيةُ قُطنٍ على مقعدِ الـمَـدرســةْ . يجلسُ الكاتبُ الـمشــترى في حذاءِ الـمحاسِــبِ . يجلسُ كلبُ الأميرةِ مستمتعاً بالطنين الذي يتدفّقُ من شاشةِ التلفزيونِ . يجلسُ جنديُّ روما على الرمحِ في ساحةٍ . يجلسُ القردُ ، وهو يَـلُـوْثُ العمامةَ ، في مَـعْـبــدٍ . يجلسُ العاطلون عن العملِ ، الآنَ ، في مَـرْكَـبٍ للعبيدِ ... وفي البحرِ يخْفت ضوءُ المنارات ِ . يجلسُ طيرُ الفينيقِ على السيخِ في حفلةٍ للشــواءِ الـمـغوليِّ . تجلسُ سيِّــدةُ الهورِ في طلْعِ بُرْديّــةٍ يابســةْ ... يجلسُ الـماءُ ، محتدِماً ، في هشــيمِ القصب ْ ... لندن 11.8.2006 |
|
في أصيلٍ غائــمٍ |
|
|
يَسّــاقَطُ دَوحُ البلّــوطِ ثماراً ناشــفةً لامعــةً مثلَ رصاصِ مسـدّسِ ماغنوم ... العشبُ طريٌّ وعلى المسْــربِ آثارُ خيولٍ متخَــمــةٍ ، والأشجارُ اللائي صرنَ ســفائنَ في بحريّةِ هنري الخامسِ* خـلّــفْن َ بناتٍ يَـحْـفُـفْــنَ بيَ الآنَ : كاثدرائياتٍ وخياماً هائلةً لبرابرةٍ يشــوونَ خنازيرَ البــرِّ ، سكارى ومجــرّاتٍ خُضراً ... .................................. ................................... ................................... كنتُ على مفترَقٍ لثلاثِ دروبٍ ؛ الأولى : تأخذني نحو البحرِ . الثانيةُ : اتّجهتْ نحو الجبلِ . الثالثةُ : انطمستْ أيُّ علاماتٍ فيها ... ........................................ ......................................... ........................................ قلتُ : " ليَ الثالثةُ المطموســـةُ " ... * نهرٌ يتدفّقُ فوق الأشجارِ عموديّــاً فتَـئِـنُّ الأشجارُ وتنقصفُ الأشجارُ وتنتثرُ الأشجارُ على الدربِ الريفيّــةِ عائمةً في موجٍ من بَـرَدٍ منحدرٍ ، كان الرعدُ يدمدمُ والبرقُ الصاعقُ يحملُ كلَّ الغابةِ في مشعلِــهِ ... ثمّتَ كوخُ الحطّــابينَ يكاد يطيرُ مع الأغصانِ المتدافعةِ ، الريحُ غدتْ جســداً من ماءٍ ولحاءٍ مكنســةً تجرفُ هذا المشهدَ نحوَ الوديانِ المرســـومةِ في كتبِ الطّـــوفانِ ... * الكوخُ تلألأَ ... أدخلُ مرتبكاً مرتعشاً ؛ سوف أقيمُ هنا في بيت العاصفةِ ... ................................... ................................... ................................... الكونُ تـنَـفّـسَ في زاويةِ الكوخِ الكونُ يســـير ... لندن 16.8.2006 ــــــــــــ * هنري الخامس : ملك انجلترا بين 1413 - 1422 ، قطع غابات انجلترا ليبني اسطوله . مات بحمّى المعسكرات . |
نهر الدانوب |
|
|
سيكون المساءُ مديداً على ضفةِ النهرِ ... مَن قال إنّـا سنشعلُ نيراننا في رؤوسِ الجبالِ ؟ القلاعُ صليبيّـةٌ من مَـقـالِـعِ أرباضِ لِـنْـتس ( Linz ) إلى القدسِ . كان الملوكُ ورُهبانُهُم يسبقون المياهَ إلى حفلةِ القتلِ حيثُ البلادُ البعيدةُ تطوي مآذنَها بانتظار البرابرةِ ... الشمسُ تلمع فوق الدروعِ وفي تاجِ ريتشارد قلبِ الأســد ْ .... .................................. .................................. .................................. والمســاءُ مديدٌ على ضفةِ النهــرِ : هل آنَ أن نستريحَ ؟ الكرومُ مُـعَـرِّشــةٌ ، جوسقاً في الضفافِ ومصطبةً في السفوحِ ... الكرومُ مُـعَــرِّشةٌ في النبيذ الجديدِ ، الكرومُ معرِّشــةٌ في مقاهي القرى ، وخدودِ البناتِ ؛ * العشيّـةَ كنّا ضيوفاً على ابنةِ مزرعةٍ للكرومِ ... أتاحتْ لنا غرفةً في السماءِ التي شــرعتْ تدلــهِـمُّ ، العشيةَ كنا لَصيقَي حرارةِ أوردةٍ أُتْـرِعَتْ بالنبيذِ ؛ السريرانِ نهرٌ يموجُ . * ابتدأنا لكي نتّقي أننا بالغانِ النهايةَ . كانت حقولُ العناقيدِ مثقلةً بالرطوبةِ والعسلِ ، الطيرُ ، عند الصباحِ المبكِّــرِ ، سوف يفيق من السُّـكْـرِ كي ينقرَ الخمرَ ثانيةً من عناقيدها ... * النهرُ يجري ســريعاً ، ومثل الجيوش القديمةِ ، يرتاح عند الـمَـعابرِ ، حيث القلاعُ وأديِــرةُ الـمتَرَهِّــبةِ الضامرينَ ؛ النهارُ لهُ والمساءُ لِــما في الأســاطيرِ ... للغرفِ المتضوِّعِ تَـنُّــوبـُها كالبَخورِ ، المساءُ لمـَملكةٍ لا تدور عليها الدوائرُ .. . مَـملكــةٍ من جذور . لندن 12.9.2006 |
|
|
|
<< البداية < السابق 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 التالى > النهاية >>
|
Page 2 of 13 |