|
ســانْتْ آيفيس St. Ives* |
|
|
ينفتحُ الشــاطيءُ كالحدوةِ … من أعلى التلّ تطلُّ كنيســةُ بَـحّــارةْ ويطلُّ الـموتى ، وشــواهدُهم في أيديهــم ، يستافونَ شــميمَ البحرِ ويضطربون مع الأمواجِ ومَـن ركبوا هَـبَــواتِ الأمواجِ ؛ الريحُ ســتهدأُ بِـضعَ دقائقَ ، ســوف يــعودُ الموتى نحو أسِــرَّتهم في الغســقِ الـمـتَـرَذْرِذِ ناسينَ شــواهدَهم بين مَـنابتِ أشــجارٍ قصـفَـتْـها الريحُ … الآنَ ســيفتتحُ الـمَـمـشى البحريُّ مطاعمــهُ ومَـشــاربَــهُ ، ولَـسـوفَ تجيءُ الفتياتُ من الـماءِ مباشــرةً مبتلاّتٍ أَنصافَ عرايا … ستكونُ الـموســيقى صاخـبةً . ………………...... ………………….. ………………….. أيُّ بيوتٍ ســتقولُ لنا : أهلاً ؟ لقد انتصفَ الليلُ وأغفى الســامرُ واستكملت الأبوابُ مَــغـالِـقَـها … لكنّــا ، نحن الإثنينِ ، نتابِـعُ في الطرقاتِ الـقَـفْـرِ ، مـتـاهـتَـنا لا بابَ لنطرقَــهُ لا شُـبّـاكَ لننظرَ فيهِ ولا مِـرآةَ لتنظرَ فينا ؛ نحنُ ، الإثنينِ ، علينا أن نســتوفيَ دورتَــنا … …………………....... ……………………… ……………………… هل ينفتحُ الشــاطيءُ كالحدوةِ كي نبصرَ في أعلى التلِّ كنيسةَ بَـحّــارةْ فنُـصـلِّـي فيها حتى ينبلجَ الفجر؟ سانت آيفيس 5/9/2004 ــــــــــــــــــــــ * St.Ives سانت آيفيس : مرفأ صيادين وفنّـانين في أقصى شمال كورنوال Cornwall ، على الساحل الجنوبيّ الغربي لإنجلـترا .
|
|
تـعـشــيــقٌ |
|
|
ليس بالمعنى الدقيقِ ، القولُ : إنّ امرأتي ( أعني فَـتاتي ) هجرتْــني فجرَ هذا اليومِ … حقّـاً ، خطفتْ ســروالَها والصُّـدْرةَ الصوفَ ، من الكرســيّ ثمّ اندفعتْ ، مُـطْـبِـقةً باباً ، لكي تهبطَ كالبرقِ على السُّــلَّــمِ … كانَ المطرُ استجمَعَ ما يَـهوي به فوقَ الزجاجِ ؛ الريحُ لم تتركْ على الأشجار إلاّ بضعَ أوراقٍ كأن الأرضَ كانت ، منذُ كانت ، ورقـاً أصفرَ مبلولاً ومبذولاً … أقولُ : المرأةُ – القطّــةُ حقــاً غادَرَتْـني … وهي لم تعبأْ بما يعصفُ لم تعبأْ بما لا يوصَفُ : الرعدِ ، وهذا الوابلِ الــمُـنْـهَــلِّ … والرجفةِ ؛ طولَ الليلِ كانت طائراتٌ تَـعْـبـرُ الأعصابَ نحوَ البصرةِ . الريحُ هديــرٌ مــعـدِنـيٌّ شــاحناتٌ هي إيكاروسُ ليليّــاً ومَــعنى القولِ … لم أعرفْ لماذا لم أقُلْ للمرأةِ : اسْــتَــأني رجاءً ! ولماذا لم أَقُــمْ من مضجعي أَتبَـعُــها … أنا شخصٌ ساذجٌ في منتهى التهذيبِ … يشـــتدُّ هديرُ الطائراتِ الريحُ لا تحملُ إلاّ الطائراتِ الطائراتِ الشاحناتِ الجُــنْــدَ في الليلِ إلى البصرةِ . إن امرأتي أطبقتِ البابَ لكي أُصغي إلى صمتي وحيداً … لندن 24/10/2004 |
أبْــلَــهُ الـحَـيّ |
|
|
النوافذُ ذاتُ الستائرِ مُـحْـكَـمَـةً ، والزّجاجِ الـمُـضاعَفِ والـبُخْلِ في النورِ … هذي النوافذُ أيّــانَ يُمســي ليَ الحقُّ في أن أُزيحَ ســتائرَها وأُخَفِّفَ من هولِ ذاكَ الزجاجِ المضاعَفِ أو أجعلَ النورَ يشْــتَـطُّ فيها ؟ ليسَ لي مهنةٌ أتَحَـصَّـنُ في ثوبِــها كي أدُقَّ على البابِ ... كي أنصحَ ( الساكنَ ؟ ) الساكنينَ بأنْ يسـتقبلوني وأنْ يسمحوا لي بِـخِـدْمَــتِهِــم : أنْ أُزيحَ الستائرَ … حتى ولو بالكلام ! لندن 25/5/2005 |
|
عَــوّامَــةُ الـنِّـيـل |
|
|
لا موجَ ، ولا ريحَ ؛ وثَـمَّـتَ رائحـةٌ من كافورٍ إفريــقيٍّ وفَــرِيكِ الشِّــــيحِ . ســريري خشـبٌ يـتـهادَى فوقَ الـماءِ ، تَـهادى … يتهادَى … يتهادَى . النِّــيلُ يتـابعُ مَـجراهُ شمالاً ، يصـنعُ جســرَ سُـليمان ، وكورنيشَ الجامعــةِ . العَــوّامةُ من خشبٍ رَطْبٍ ، وحديدٍ لم يُـصبَــغْ منذ ســنينَ . العـوّامةُ 81 . ولي طابقُها الأسفلُ ، لي مَـعْـبَـرُها ذو أزهارِ الجَـنبَـينِ ، وهدهـدةُ الدَّوحِ ، وأغنيةُ الـمَـلاّحينَ . زوارقُـهم تأتيني بالخضرة والفاكهةِ . الفجرَ استيقظتُ فلم ألْقَ ضـجيعةَ آخرِ ليلي . لكنّ النيل يُهدهِـدُني ويُـهَـدِّئني : أَغْـمِضْ عينيكَ ! فـأُغمــضُ عَيــنَـيَّ . سأهـبطُ نحوَ الـــوادي . أَدخلُ مصرَ . إذاً ! حجــرٌ رملــيٌّ وغرانيتُ ، وأصـــباغٌ من نَـبْـتٍ منقرِضٍ ، وتماثيلُ لآلِـهةٍ بَـشَـرٍ ، وطيورٍ ، وتهاليلُ إلى قططٍ ، وتماسيحُ ، وصحنٌ من ألْسِـنةِ العصفورِ . العوّامةُ 81 ، أقاربَ شمسٍ أُبْـصِــرُ ؟ قاربَ شمسٍ يتهادَى … هادَى … يتهادَى … هادَى ؟ لم يتركْ لي كافافي شيئــاً أفعَــلُــهُ . لكنّ الشيخَ اليونانيّ هنالك عند البحر يُـصـمِّـم مستوطنةً للإغريقِ الآتينَ من التاريخِ و لا بيتَ لهم . سـأنامُ ســعيداً في العوّامــةِ 81 ، أنامُ وأركضُ بين الوادي والبحرِ … ……………………… ……………………… ……………………… ســبيلي الأوحَــدُ : ماءٌ يتهادَى … هادَى … يتهادَى … هادَى . لندن 3/5/2005 |
الــنَّــقيــضُ |
|
|
هو : حانةٌ صغرى ( أظنُّ نِزار قبّــاني بـ " طوق ِ الياسمينِ " استعملَ التعبيرَ : أعني حانةً صغرى ، لأول مرةٍ … ) لكنّ هذا البارَ في غربيّ إيلنغَ الفقيرةِ ( Poor West Ealing) ليس كما أحَبَّ نِـزارٌ ! البابُ الـموارَبُ ســوف يَــدخلُــهُ الزبائنُ منذ مقتبَـلِ الضحى ؛ لا ظِلَّ لامرأةٍ تُراقِـصُــهم ، ولا مـرأىً لخاصرةٍ تَـكَـسَّــرُ في الضياء الــنّــزْرِ ، لا زهرٌ يـباعُ موزَّعاً بين الــموائدِ لا حديثَ يدورُ لا جازٌ ولا لَـعِــبٌ … ………………………… ………………………… ………………………… و منذ سنينَ خمسٍ كنتُ ألقى في الضحى أشــياخَ إيرلندا متكأكِـئـينَ إزاءَ ســاقيةٍ وراءَ الـنُّـضْــدِ مبتسمينَ … كانوا ، شأنَـــهمْ دوماً ، يلفّــونَ السجائرَ صامتينَ ويحتسونَ البيرةَ السوداءَ . أحياناً ، أُحَـيِّــيهِم فأسْــتأني وأحياناً أُتابِعُ خطوتي ، متعجِّلاً ، لأكونَ عندَ الـنُّـضْــدِ … لكنّ الشــيوخَ يتابعونَ الصمتَ والتدخينَ أشــباحاً كأني ما مررتُ بهم … وكأنني شــبحٌ سـيدخلُ في الجدارِ ويختفي … …………………………………. . …………………………………… …………………………………… ما أطولَ الســنواتِ ! ما أنأى الــمَــدى ! ………………………………...... …………………………………… …………………………………… أمسِ انتهيتُ إلى حقيقةِ ما ظننتُ المســتحيلَ : عرفتُ أني صِــرتُ شيخاً صامتاً متطامنَ الحركاتِ من أشــياخِ إيرلندا … Lancaster 12.11.04 |
|
|
|
<< البداية < السابق 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 التالى > النهاية >>
|
Page 9 of 11 |