|
الفصـــول (3) |
|
|
مـن أين هذي الرجفةُ ؟ انسَــلَـتَ اللحافُ الصوفُ ريشــاً مثلَ ريشِ البطِّ مبْـتَـلاًّ وغَـلـغَـلَ في عظامي الثلجَ … عبْـرَ زجاجِ نافذتي أرى شـمســاً وأشـجاراً وشُـبّـاناً وشـابّـاتٍ عراةً في الحديقةِ ؛ غرفتي ، كالحصنِ ، مغلقـةٌ وكالزنزانةِ انطبقَـتْ عليَّ … فأيُّ عاصفةٍ أتتْ بالثلجِ ؟ أيُّ ثعالبٍ قطبيّــةٍ دخلتْ مبللةَ الفِــراءِ علَـيَّ ؟ وأيُّ زوبعةٍ تُــدَوِّرُنــي ، أنا ، الخذروفَ … …………. ………… ………… كنتُ أغوصُ ، أعمقَ ، في فــراشي دائخاً ، متصـبِّــباً عَــرَقاً ومُــثـلَّـجَ الأعضــاءِ … كنتُ أغوصُ بين المـــاءِ والنارِ . لندن 31 / 8 / 2002 |
|
فصــــول (4) |
|
|
الأزهــارُ البيضُ من النبتِ المتسـلِّـقِ تَسـّــاقَـطُ ، طولَ اليومِ ، على الممشــى ، في طابــقيَ الثاني ؛ هذي الأزهارُ البيضُ مكوّمــةٌ تلمعُ ذابلةً مثل ترابِ نجومٍ ظلّـتْ تتهاوى طولَ الليلِ … أحاولُ أن أتفادى الوطءَ أخففَ من أعبائي حين أســيرُ على الممشـــى ، لكنْ … عبَـثاً فالأزهارُ البيضُ تدورُ ، وإنْ كانتْ ذابلــةً تُمسِــكُ بي تأخذني من شِــسْــعِ حذائي كي تبلغَ شَـــعري … متناثرةً ، متألقةً فوقَ قميصي الصوفِ . …………. …………. …………. الليلةَ جاءتني الأزهارُ مع الحلــمِ لتــأخذني معها … سـأكونُ ســعيــداً ! لندن 2 / 9 / 2002 |
ثلاثُ محاولاتٍ لعلاقة |
|
|
أنا أقدرُ أن أفتحَ جَـفنَيَّ دقائقَ لكني لا أقدرُ أن افتحَ عينيّ…مســاءَ البارحــةِ التفّـتْ كلُّ وشــائعِ أيامي حولَ عروقي. ظلّـتْ تلتـفّ وتضغطُ ، تلتــفُّ وتضغطُ ، حــتى سالتْ شمسٌ بين يدَيَّ . على أُصُصِ الأزهارِ بدا الطُّـحْـلُبُ أخــضرَ في لونٍ مائيٍّ. مــاذا سـيُـغَـنِّـي صُــعلوكُ الحَـيّ؟ ستــندفعُ الزيناتُ مُـفـرقِـعةً من جهـةِ الغــربِ . الشّــمسُ تســيلُ . وآخِـرُ قنّـينةِ خمـرٍ شِـيلِـيٍّ رحَــلتْ. أنـا أقدرُ أن أفتحَ جَفنيَّ دقائقَ لكني لا أقدرُ أن أفتحَ ســمعيْ …الشارعُ مكتومٌ ، لَـكأنّ السيّـاراتِ علــى عشبٍ تَـدْرُجُ . والموسيقى من بئرٍ تخــرجُ . أهجِـسُ صلصلةً في الحنفيّــةِ ... سـلسـلةً من ذهبٍ تسقطُ من رفٍّ كي تتكوّمَ في طرفِ السجّــادةِ . هل يتكلـمُ هذا المصباحُ ؟ البابُ المؤصَــدُ صَــرَّ صـريراً … أعرفُ أنّ ينابيعَ ، ينابيـــعَ مُـغَـلْـغَـلةً ، تترقرقُ بين السبّــابةِ والإبهامِ ؛ تُرى … هل أســمعُـها ؟ أنـا أقدرُ أن أفتحَ جَفنَـيَّ دقائقَ لكني لا أقدرُ أن أســتافَ …و في بستانِ البيتِ ، قديماً وبعيداً ، في البصـــرةِ ، كانت أزهارُ الخشخاشِ . وعندَ مُـسَـنّـاةِ الماءِ تفوحُ روائحُ من سَـمكٍ وطحالبَ. كنا أحياناً ننهلُ من ماءِ الطَّـلْـعِ .أتعرفُ كيف تكونُ القيلولةُ تحتَ غصونِ التينِ ؟ وكيف تكونُ بَــواري الـمَـدْبسـةِ ؟ الليلُ سيهبطُ مثلَ ضبابٍ أزرقَ في "حمدانَ". سـيمتـدُّ اللبلابُ الـمُـزْهِــرُ في الدمِ … سـوف يكونُ شــــميمـاً . لندن 26 / 8 / 2002 |
|
مــُـعــايَــنــة |
|
|
ينســجُ العنكبوتُ على بابِ بيتـيَ أثــوابَـهُ العاريـةْ ، لِـيَـمُـرَّ الهواءْ وتَــمُــرَّ الروائحُ والصيفُ والضــوءُ حتى كأنّ الســماءَ ابتــداءْ ........... ........... ........... ينســجُ العنكبوتُ على الباب ما غاب ؛ ينســجُ معنى الرداءْ ... لندن 28 / 7 / 2002 |
رُبـــاعيّــةٌ أيضــــاً... |
|
|
سعدي المتوحدُ و الأفعى لا يعرف أن يأكلَ في المطعمِ والمطعمُ مكتظٌّ بزبائنهِ . المطعمُ يَـبـعُـدُ أمتاراً حَـسـبُ عن النهـرِ . به سَـمَـكٌ ، ومُـخَـلّـلُ مانـجـو الهندِ ، وأرغفةُ التنّـــورِ ، وكان الناسُ سكارى بالعَـرقِ المسمومِ ورائحةِ البارودِ الباردِ في الجيـبِ الخلفيّ . وفي هذا الغسَــقِ ارتعشَ الضَّـوعُ قليلاً . هل نادى اللبلابُ زهورَ البوقِ؟ وهل تَـخْـطُـرُ في الأبـخـرةِ امرأةٌ ؟ سوف يكون الناسُ سعيدينَ … يموتُ الناسُ سعيدينَ : العَـرَقُ الطافحُ ، والبــارود… سعدي المتوحدُ و السيف لا يعرف أن يجلسَ في بـَــهوِ سياسـيِّـيـن كم حاولتُ ، طويلاً ، أن أدخلَ في البهوِ المفتوحِ ! لقد أمضيتُ العُـمْـرَ بهذي اللعبةِ . يُغريني المشــهدُ عن بُـعدٍ : أبواقٌ ، وســماســرةٌ ، وحقائبُ . أحياناً تأتي امرأةٌ بالويســكي في أكوابِ الشاي . وقد يُمسِكُ قردٌ بـمُكبِّــرِ صوتٍ . يَـصّـاعَـدُ في الليلِ رصاصٌ أعمى. حُـجِـزتْ كلُّ مقاعدِ هذا البهوِ ، وعندَ البابِ اصطفَّ المنتظرونَ . لماذا؟ هل تســألني؟ أنا لا أعرفُ كُــوعي من بُـوعي . أنا لا أعرفُ حتى سـترةَ من يسألُني . سعدي المتوحدُ و الحلزون لا يعرف أن يتقدمَ ( حتى بين رفاقِ العمر ِ) مُظاهرةً خيرٌ لكَ أن تجلسَ ملتصقاً بالمصطبةِ الخشبيـةِ . ماذا ســتقولُ لو استعجلْـتَ وراء القومِ ؟ فأنتَ هنا ، ملتصقاً بالمصطبة الخشبيةِ ، سوف ترى المشهدَ مكتملاً . لن تدفعَ بالـمـنْـكبِ جاراً . لن تتدافعَ كي تحظى بالصورِ الفوتوغرافيةِ … قد يجلسُ لِـصقَـكَ مَـن أنـهكَـهُ السـيرُ . وقد تتحدثُ عن قــاراتٍ أخرى. هل تُـنْـكـرُ أن العالمَ يبدو أجملَ حين تراقـبُـه من مصطبـــةِ الحانةِ ؟ إنّ رفاقكَ يندفعون خِـفافاً في الشارعِ. أنت تراهمْ . هذا يكــفي . سعدي المتوحدُ والمِــرآةَ يحاولُ أن يتصوّرَ ما هو أبعدُ منها… أنتَ رأيتَ … فماذا بعدُ ؟ الأشجارُ وفوضى الشارعِ والمرأةُ والطيرُ جميعــاً في المِـرآةِ . ووجهُكَ أيضاً في المــرآةِ . إذاً ، ماذا بَـعدُ ؟ ألمْ تســأمْ هذا؟ لكنكَ لن تغلقَ نافذةَ الـمَـرأى طبعاً … أوَلَـمْ تتفَــكَّـرْ في ما خَـلَـقَ المَــرءُ ؟ إذاً ، فَـلْـتَـبْـرأْ من هذا الصّـلصالِ طيوراً ! إنكَ لم تأتِ لكي تتملّـى المِـرآةَ ، ولم تأتِ لكي تكســرَها . هل أتعَـبَـكَ الدربُ ؟ وهل خذلتْـكَ خُـطاكَ ؟ انظُــرْ تحتَ غطائكَ ، وانتظـــرِ الصّــبَـواتْ . لندن 2 / 10/ 2002 |
|
|
|
<< البداية < السابق 1 2 3 4 5 6 7 التالى > النهاية >>
|
Page 2 of 7 |