|
ذبـذبـات |
|
|
للخريف الذي ظلَّ يمضي ، لآخِــرِ أوراقهِ ، تهمسُ الريحُ في مــطرٍ ناعمٍ. أنا أســمعُ ما تَـنطقُ الريحُ . ألْـمُـسُ ما تَـحمــلُ الريحُ . أغْـمسُ هُــدبي بأمواجها . القـريةُ ارتحلتْ منذُ قَـرنٍ ، وهاأنت ذا لا ترى غيـرَ مقعدها الخشبيّ الوحيدِ ، وســاحتِـها الخاويةْ . قد كنتُ هيّـأتُ الشعاراتِ العشيّــةَ . سوف يأتي أحمدُ النجديُّ حتماً بالعِـصِـيّ . وسوف تنطلقُ المظاهرةُ الظهيرةَ حينَ تزدحمُ الأزقّــــةُ في محيط السُّـوقِ .أيُّ منازلٍ ستقول : أهلاً ، حينَ ينطلقُ الرصـــاصُ؟ كأنّ ضَــوعاً من حدائقَ في الغيومِ يسيلُ من كفِّــي . كأني في الغمامْ . ترحلُ الريحُ أيضاً ، ويرحلُ عن شجرِ الســاحةِ المطــرُ الناعمُ . الليـلُ لن ينتهي . هو لم يبدأ . الليلُ لن يبدأ . الليلُ حقٌّ كما الموتُ حقٌّ . كما اللهُ. أنت هو المترحلُ . أنت الذي لم يجدْ عبرَ كلِّ المفازاتِ إلاّ مصاطبَ في قريـةٍ. وهي حجّـتكَ اليومَ . قُــلْ لي ، إذاً ، ما أوانُ الرحيــلِ إلى الهاويـةْ ؟ أتظلُّ تسألُ : هل أظلُّ ضجيعَــها منذ انتــصـاف نهارِ هذا الســبتِ حتى مَــوْهِـنِ الأحدِ ؟ المدينةُ في ضواحيـــها … كأنكَ صرتَ تجهلُ أنّ ماريتـا تحبّ السوقَ مكشــــوفاً ومؤتلقاً ، وتجهلُ أنّ ماريتا ستشوي الـجَـدْيَ . ماريتا ستُـحضرُ خُــبزَها البيتيّ. فَلْـتقرأْ على الأحدِ السلامْ الستــائرُ شــفّتْ ، وغامَ الزجاجُ . أنا الآنَ أُبصِــرُ في الداخلِ، المَشهدَ. الغرفةُ ابتعدتْ عن تفاصيلها ؛ والأريكةُ صارتْ مَـمَــرّاً ، وهذا البساطُ الذي كنتُ أحسِــبُ وِحداتِـهِ صارَ نهراً ، ولم تَـعُـدِ اللوحةُ امرأةً عاريــةْ . ………............. ….…………… ………………. بغتةً … أسـمعُ الخطـوَ ! هل جاءني من سيصحبني في طريقِ الظلامْ ؟ لندن 2 / 11 / 2002 |
|
الطيفُ ذو البيريّــه |
|
|
قبلَ أربعين عاماً كان حســن ســريع مرشَّحاً لأحدِ منصبين: وزير الدفاع في جمهورية العراق الديمقراطية أو العريف الأول ( مثل ما كان شكري القوتلي مواطناً أول ). الآن ، وقد مرت أربعة عقود تظل بيريّـةُ حسن ســريع المطويةُ مثل مسدس حادّةً ، خفيّــةً ، كأنها في طيّـتها الأولى ذلك الصباحَ بمعسكر الرشيد... ومن يدري؟ ربما انتبه أحدُهم إلى قولة أوريانا فالاتشي : المسدس ليس سلاحَ دفاعٍ ولأنّ هذا المنتـبِـه لايملكُ مسدساً فلسوف يستعير من حسن ســريع بيريّـتَـه ، ولو لدقائقَ ( أنت تعرف ... التفتيش ، وأجهزة كشف المعدن المتطورة ... إلخ ) وأنت تعرف أيضاً أن بضع دقائقَ ستكفي حتماً ( حكّــامُنا جبناء كالعادة ) آنَـها لن ينافسَ أحدٌ حســن سريع على منصب وزير الدفاع في جمهورية العراق الديمقراطية ... إذ ليس من الواقعية أن تتوجّــه في دبابةٍ حديثةٍ لـتُسقطَ طيفاً هالـتُـهُ بيريّــةٌ مطويّــةٌ ! لندن 6 / 11 / 2002 |
القطُّ تحت المـطــــر |
|
|
كأنـيَ الليلةَ في الهنـــدِ … أهذا الموســميُّ ، المطـــرُ ؟ امتدّتْ يدي أفتحُ سنتيمترينِ زجاجَ شُــبّـاكي أُزيحُ شــيئاً من ســتارةِ الشُّـبّـاكِ ، فكّــرتُ : تُـرى ، أين يبيتُ الليلةَ ، الســنجابُ والطيرُ وتلك النحلةُ ؟ المصطبةُ الوحيدةُ اسـترجعتِ الليلةَ عِــرْقَ الغابةِ ، العالَــمُ يبدو لي غســيلاً هائلاً لن ينشفَ ، البتّـةَ ، في الشمس التي ليستْ ســوى ذكرى من الهنــدِ وممّـا دوّنَ النخلُ عن الهنــدِ ... وفي اللحظةِ هذي انطفأتْ ســجارتي ……………… ……………… …………….. الأســماكُ في بحيرةِ الغابةِ قد غُـصْنَ إلى الأعماقِ حتماً ؛ وحدَه ، القطُّ ، سيلقى الصبحَ طيراً صادحاً في ساعة الحائطِ في رطوبة السُّـلّـمِ ……………… ……………… ……………… ما أبـهى المطرْ ! لندن 12 / 11 / 2002 |
|
محــاولةٌ أولــى في الضّــباب |
|
|
أنـْـهَــرَ الصبحُ… جاوزتِ الساعةُ العاشـــرةْ غيرَ أن الضبابَ الذي رَقَّ ، ينسجُ أثوابَــه الآنَ ، يجعلُ حتى أعـالي الشجــرْ بِــضعةً منهُ ، يجعلُ حتى الستائرَ لوناً خفيّــاً ويمضي بها نحوَ أمواجهِ الثابتةْ . ………………. ………………. ………………. أيَّ لونٍ أرى؟ أيُّ مســطرةٍ للتدرُّجِ أرقى بها أو أُتابعُــها ؟ أيَّ ثلجٍ ألامِــسُــهُ ؟ أيَّ مِـلْـحٍ أذوقْ؟ ……………… ……………… ……………… سوف أغمضُ عيني وأفتحُــها : ايها العشبُ يا أيها العشبُ يا ايها العشبُ كُــنْ ثابتاً ، يا حليفي ، ثباتَ السّــرابْ ! ـــــــــ * أنـهَـرَ ، فعلٌ منحوتٌ قياساً ، معناه : صار الصبحُ نهاراً . لندن 10 / 11 / 2002 |
محاولــةٌ ثانيةٌ في الضباب |
|
|
تغيبُ الخيولُ عن العشبِ ؛ لم يَـعُـدِ العشبُ مرأىً … بياضٌ من الأرضِ مُـصّـاعدٌ وبياضٌ من الماء مُـصّــاعدٌ ، والمراكبُ ( تلك التي تصلُ النهرَ بالبحرِ ) غابتْ عن النهرِ قبلَ الخيول ، وأســيِـجةُ الحقلِ غابتْ ولم يبقَ في اللوحةِ المستفيضةِ إلا أعالي الشــجرْ … إذاً ، كيف نمضي؟ المســافةُ بين الطريقِ ومنعطفِ القريةِ الآنَ مثلُ المسافاتِ بين الســماءِ وأوراقِـنا … والنهارُ الذي نحن فيهِ ، يكون النهارَ الذي لم نَـعُـدْ نحن فيهِ ، ……………. …………… …………… الخيولُ تغيبُ عن العشبِ هادئةً في الضّــباب … لندن 19 / 11 / 2002 |
|
|
|
<< البداية < السابق 1 2 3 4 5 6 7 التالى > النهاية >>
|
Page 3 of 7 |