ســعدي يوســف آنَ نشرتُ قصيدتي " رملُ دُبَيّ " المهداةَ إلى أدونيس ( ليست المرة الأولى التي أهدي فيها قصيدةً إلى الرجل ) ، جوبهتُ بتعريضٍ فيه من اللؤم ، كثيرٌ . كان القصد من التعريض ، الدفاع عن دُبَيّ ورملِها ، بافتعالِ خصومةٍ ( مبتغاةٍ ) بيني وبين أدونيس ، تُبعِدُ ما استهدفتْهُ القصيدةُ عن القاريْ ، أي نقدَ ظاهرةِ دُبَيّ الشــرّيرة . أمّا المهرِّجُ الأعلى زعيقاً ، في هذا المبتَذَل الصحافيّ ، فقد كان كُوَيهِناً في خدمة الحرمَينِ الشريفَين ، طامحاً إلى العمل صَبّاغاً في خيمة دُبَيّ ، ذاتَ يومٍ . اللعنة! النخّاسُ السوريّ ؟ لكن أدونيس محرِّرٌ في الشعر والفكر . كيف يستوي الأمرُ ، إذاً ؟ دارةٌ باريسية ؟ لكن أدونيس يسكن شقّةً متواضعةً في باريس ، لا دارةً . لِمَ النخّاسُ السوريّ ؟
لأن هذه الحرفة كانت قديمةً في سوريا منذ الرومان ، و لا أظنّ الأســرى الذين اســترَقّهم الإمبراطور تراجان وجاء بهم حتى حدود إيقوسيا ليبنوا جداره القائم حتى الآن ، أقول لا أظنهم وصلوا الجزيرة البريطانية بلا نخّاسينَ من البلادِ نفسها ، أعني سوريا . * قصيدة " رمل دُبَيّ " ليست تعريضاً بأحدٍ ، بل ليست تعريضاً حتى بالشعراء المساكين الذين ظلوا يطْلون وجه الـمشْيَخة بتطرياتٍ لن تنفع أبداً . كل ما أردتُه كان الإشارة إلى خطورة نسيان الـمُـثُــل العليا التي يقوم عليها ، وبها ، الفنُّ . مثلٌ من بينها نُشدانُ الحريةِ وكرامة الفرد والجمال . * مشْيخةُ دُبَيّ : مبغىً للعالَم . مستعمرةُ عقابٍ للعمّال . جنّةٌ للشعراء العرب ... * كتب وليَم رِجواي قائلاً إن 30 بالمائة من دخْل دُبَيّ ، مصدره الدعارة. وزارة الخارجية الأميركية أدرجت المشيخة ضمن أسوأ مناطق المتاجرة بالأجساد ، حيث عشرة آلاف امرأة يمارسن الحرفةَ القديمةَ ، مستقدَمات من جنوبيّ الصحراء ( الإفريقية ) ، وأوربا الشرقية ، وجنوب شرقيّ آسيا ، وإيران والعراق والمغرب . * أيّ بلادٍ هذه ؟ 76 بالمائة من السكان هم أجانب ، أوربيون وآسيويون . مائة ألف بريطانيّ يعيشون حياةَ بذخٍ لا مثيل لها ، بينما العمّالُ يعيشون في شظفٍ لا مثيلَ له . العامل يتقاضى 600 درهم في الشهر ، أي 160 دولاراً أميركياً . من الدراهم الستمائة ينفقُ 180 على الطعام . العاهرة تتقاضى 150-200 دولار عن الساعة الواحدة ! * مرصد حقوق الإنسان ، وصفَ ظروف عمل العمال في المشيخة بأنها مُهلِكة . Deadly working conditions العمالُ ( آسيويون في الغالب ) يعملون في درجة حرارةٍ تبلغ 50 درجةً مئوية . لا يحقّ لهم زيارة عوائلهم إلا مرةً واحدةً كل سنتين. غالباً ما يتعرّضون إلى حوادث عمل. ممنوعون من دخول الملاعب والمخازن والفنادق الكبرى. الإضرابُ والعمل النقابيّ ممنوعان منعاً باتّاً . في العام الماضي أضربَ العمالُ في " جبل علي " مطالبين بتحسين ظروفهم . المضربون طُرِدوا من العمل والبلاد . وقد وصفت وزارة العمل الإضراب بأنه " بربريّ " ! * مبغىً للعالَم . مستعمرةُ عقابٍ للعمّال . جنّةٌ للشعراء العرب ! لندن 05.04.2009
|