ســعدي يوســف يبدو العراق المسكين ، المستعبَد ، من جانب الاحتلال ومَن ولاّهُم الاحتلالُ أمرَه ، من المتديّنين الكاذبين والعملاءِ ، أقولُ يبدو هذا العراقُ المسكينُ هو الغائب الأكبر في سُــوق هرَجِ التنافس على البيت الأبيض . إنْ ذُكِرَ الغائبُ ، جاءَ ذِكْــرُهُ في سياق " القفشة " والمفارقة المضحكة ، وهو سياقٌ غير مَـعْــنِيٍّ بالعراق ، قدرَ عنايتِهِ بالماراثون الطويل إلى واشنطن العاصمة .
المرشَّح الجمهوري ماكين ، قد كان قال إن الولاياتِ المتحدة ستبقى مائة عامٍ في العراق ، تعقيباً على قولٍ لجورج دبليو بوش جاء فيه أن جيش الاحتلال سيبقى خمسين عاماً أو نحوَها . ثم استدركَ بعد أن شعرَ بهول السنوات : لم أقصدْ مائة عامٍ بالتمام والكمال ، بل قصدتُ أننا سنبقى في العراق مثل ما نحن في اليابان وألمانيا ... خمسين أو ستين عاماً ! وردّاً بالقفشة على ماكين قالت هيلاري كلِنتون : هو يقول سنبقى هناك ستين عاماً ، وأنا أقول إني سأسحب الجنود خلال ستين يوماً . أمّا باراك أوباما ، المرتعِب من لونِهِ ، ودعوى إسلامِه ، فهو لا يجرؤ على الإتيان بأيّ وعدٍ يتعلّق بالعراق ، سواء كان الوعدُ مُلْزِماً ، أم غيرَ مُلزِم ( على عادة السياسيين البورجوازيين أوّلاً وسواهم ثانياً ) . * لكنّ الثقل الفادح للتخبُّطِ في العراق سيظلّ فادحاً . أعني أن زمن الخطابة سينتهي مع انتهاء الحملة ، وانتخاب الرئيس الأميركيّ الجديد ، ليأتي السؤالُ الأساسُ : والآن ... ما العمل ؟ * الشعب الأميركي كان وضعَ الديمقراطيين أغلبيةً في الكونغرس لأنه رفضَ الحربَ . الشعب الأميركيّ يريد وضعَ حدٍّ لهذه المغامرة الشرّيرة التي مرّغت بالوحل شرفَ الشعب الأميركيّ وقِـيمَـه التي دوّنها الآباءُ المؤسِّــسون في دستورٍ حُرٍّ . يريدُ وضعَ حدٍّ لهذه المغامرة الشريرةِ التي خلّفت عشرات الآلاف من الجرحى الأميركيين والمعوّقين والمختلّين عقلياً ، والآلاف من القتلى برصاص العراقيين . يريد وضعَ حدٍّ لهذه الحرب التي كلّفت العراقيين من الضحايا قدرَ هيروشيما مزدوجة . يريد وضع حدٍّ لهذه الحرب التي أتت بفضيحتَي أبو غرَيب والفلّوجة . يريد وضعَ حدٍّ لهذه المغامرة الشريرة التي رفعت سعر البنزين إلى أربعة أضعافه في الولايات المتحدة ، وجعلت البلاد تغطس أكثر فأكثرَ في الديون ... الدولار لم يَعُد العملة الصالحة للتداول عالمياً . الروبل ( مثلاً ) صار أقوى بكثيرٍ من الدولار ! * يوم الحساب آتٍ ، لا ريبَ فيه . فليستعدّ المستعدّون للهروب الأكبر من العراق الذي لن يظل مسكيناً ... العراق الغائب في الماراثون . العراق الحاضر في كوابيس البيت الأبيض ! لندن 26.02.2008
|