كان الرجل الأعمى يجلس في ركنِ الحانةِ تحتَ جهازِ التلفزيونِ تماماً . للرجلِ الأعمى وجهٌ نضِرٌ ويدانِ ، كباطنِ كفِّ القطةِ ، ناعمتانِ وكان أنيقاً في مَـلْبسِهِ ، شأنَ الفنانين الفقراءِ . الرجلُ الأعمى كان يدير أصابعَه اللدْنةَ كي يمسكَ كأسَ البيرةِ محترَماً وخبيراً ، ثم يعيدُ الكأسَ إلى موضعِهِ فوقَ مُرَبَّعِ بيرةِ Foster's والحانةُ قد شرعتْ تصخبُ والظُّـــهْـرُ ، هنا ، رطبٌ ولذيذٌ ... والرجلُ الأعمى تحت جهاز التلفزيون تماماً ينصتُ للأخبارِ : فريقٌ إيرلنديٌّ ضدّ فريقٍ اسكتلنديٍّ ... وفريقٌ ... وإلخ ... كان اثنان من الروّادِ يقولانِ كلاماً عن مانشستَر . هبَّ الرجل الأعمى ، كالملدوغِ ، يصيحُ : سيخسرُ ! حتماً يخســرُ ! لم يسمعْه الرجلانِ ... فقد فتحا بابَ الحانةِ ، متّجهَينِ إلى الشارعِ لكنّ الرجل الأعمى ظلَّ يصيحُ : سيخسرُ ! حتماً يخســر ! * لم يضحكْ أحدٌ . لم يسمعْ أحدٌ . لكنّ الرجل الأعمى كان سعيداً . كان يدير أصابعَهُ اللدْنةَ كي يمسكَ كأسَ البيرةِ مرتشفاً ، كالطفلِ ، سعادتَــهُ ! لندن 17.05.2007
|