الشيوعيّ الأخير يدخل الجنّــة |
|
|
ســعدي يوسف كان الشيوعيّ الأخيرُ مؤرَّقاً في ليلةِ الأحدِ ، الصديقةُ غادرتْ ظُهراً إلى باريسَ ، والمطرُ الخفيفُ يجيءُ أثقلَ ، لحظةً من بعدِ أخرى . والنبيذُ الأستراليُّ الذي قد كان يكْـرَعُـهُ بأقداحٍ كبارٍ كادَ يصرعُـهُ ! وجاءته المصيبةُ عند بطّـاريّةِ السيّارةِ . الأشياءُ قد همدت ؛ فماذا يفعلُ الآنَ ؟ الشيوعيُّ الأخيرُ مضى ينقِّبُ في الرفوفِ العالياتِ … وثَـمَّ أتربةٌ على الكتبِ العتيقةِ . ثَمَّ نسْجُ العنكبوتِ ، وما تبقّـى من جناحَي نحلةٍ . لكنه استلَّ الكتابَ ، وراحَ يقرأُ : أمرُنا عجبٌ ! مَلاكٌ جاءَ يصطحبُ الشيوعيَّ الأخيرَ إلى جِنانِ الـخُلْــدِ … قالَ لهُ : لقد طوّفتُ في الآفاقِ ســبعاً ، كي أصادفَ طاهراً . كان الذين رأيتُهم قوماً عجيبينَ … الصلاةُ وكلُّ شـيءٍ . غير أني كنتُ أسألُ عن عقيقِ سَـجِـيّـتَينِ : الطُّهرِ والعدلِ . السماءُ تفتّحتْ … فلننطلقْ ، لتكونَ في الفردوسِ بعد دقيقةٍ ! كان الشيوعيُّ الأخيرُ مكوَّماً فوقَ الأريكةِ هاديءَ الأنفاسِ مبتسماً … كأنّ روائحَ الفردوسِ تُفْـعِمُ قصرَهُ الليليَّ حقّـاً ! لندن 28.6.2006
|