سعدي يوسف في جامع " كشك " بالقاهرة ، عاصمتِنا ، جرى تشييع نازك الملائكة ، ومن ثمّتَ بدأ الطريقُ إلى مدفنِها ، في مقبرة العائلة ، غير بعيدةٍ ، عن مثوى نجيب محفوظ ، عزِّ العرب . لكن ، في جامع كشك ، احتلّتْ الـ C.I.A نازك الملائكة ، كما احتلّتْ بغدادَ من قبلُ : باقةُ الزهور الكبرى ( وهي ليست تقليداً إسلامياً ) كانت ضخمةً أكثر ممّا ينبغي ، ربما لإبراز منظمة المخابرات المركزية ( مجلس الثقافة العراقي ) في حجمٍ أكبر من نازك ذاتِها . هل الأمر مقصودٌ ؟
لا شكَّ في ذلك ! نازك الملائكة شاعرة قوميةٌ . نازك الملائكة أحدثتْ ثورةً في عمقِ الضمير العربيّ ، في عمقِ الشعر العربيّ ، ألحقَتْهُ بالعصرِ ، متحدِّيةً الأممَ ، ومباهيةً . ونازك الملائكة شاعرةٌ قوميةٌ ... فلتأتِ الـ C.I.A على هذا كله ! لتأتِ بزهورها المسمومة ... لتأتِ بتنظيمها : المجلس العراقي للثقافة ... وما إلى ذلك ... كأنها تقول : أيتها الشاعرة العربيةُ ، اذهبي إلى الجحيم ... نحن نحتلّ بغداد ! ونحن نحتلّ الآنَ ، حتى مثواكِ الأخير ... كنتِ ناصريّـةً ! * في جامع كشك ، كان هناك شخصٌ . شخصٌ انتقل بسرعة البرق إلى القاهرة ، عاصمة العرب ، لأنه يملك جواز سفرٍ دبلوماسياً ... هذا الشخص ، مع الأسف كله ، جاء ممثلاً " قِرْبةَ الفُســاء" ، اللقب الذي خلعه العراقيون على العميل جلال الطالباني ، الـمُنَصّب من الاحتلال ، رئيساً لإدارة الاحتلال المحلية . الاحتلال أراد أن يُطْبِق على نازك الملائكة ، حتى ولو كانت في القاهرة ، مثل ما أطبَقَ في بغداد على السياسة والثقافة . حيثُ : متديِّنون خَونَــةٌ استولَوا على السياسة . وقوّادونَ خوَنةٌ استَولَوا على الثقافة . لكنّ القاهرة ليست بغداد . وقبل قرونٍ ، سقطت بغداد تحت خيول المغول ... ونهضت القاهرة . لقد أحسنت عائلةُ الملائكة صُنعاً ، حين رفضتْ أن تُدفَنَ نازك في أرضٍ مغصوبةٍ ، أرضِ العراق ِ ، وهي الحرّةُ التي منحت الشعرَ العربيّ المعاصرَ ، اسمَ : الشِّعر الـحُـرّ ّ . لندن 23.06.2007
|