الأربعاء, 24 أبريل/نيسان 2024
الرئيسية
سيرة ذاتية
الاعمال الشعرية الكاملة
قصص قصيره
ديوانُ الأنهار الثلاثة
جِـــــــرارٌ بِلونِ الذهب
الحياة في خريطةٍ
عَيشة بِنْت الباشا
قصائـدُ هَـيْـرْفِـيــلْـد التلّ
طـيَـرانُ الـحِـدْأَةِ
الخطوة السابعة
الشــيوعــيّ الأخير فقط ...
أنا بَرلــيـنيّ ؟ : بــانورامـــا
الديوانُ الإيطاليّ
في البراري حيثُ البرق
قصائد مختارة
ديــوانُ صلاة الوثني
ديــوانُ الخطوة الخامسة
ديــوانُ شرفة المنزل الفقير
ديــوانُ حفيد امرىء القيس
ديــوانُ الشــيوعــيّ الأخير
ديــوانُ أغنيةُ صيّــادِ السّمَك
ديوان قصــائدُ نـيـويـورك
قصائد الحديقة العامة
صــورة أنــدريــا
ديــوانُ طَــنْــجـــة
ديوان غرفة شيراز
ديوانُ السُّونَيت
أوراقي في الـمَـهَـبّ
ديوان البنْد
ديوان خريف مكتمل
مقالات في الادب والفن
مقالات في السياسة
أراء ومتابعات
البحث الموسع
English
French
Spain
المتواجدون الان
يوجد حالياً 225 زائر على الخط
قــــرنٌ أم نـــصفُ قــــــَرنٍ ؟ طباعة البريد الإلكترونى

 ســعدي يوســف
 يَـعْقدُ جون هوبَر  John Hooperفي كتابه المرموق ( الإسبان – بورتريت لإسبانيا الجديدة ) ، أكثر من فصلٍ
 متناولاً الإشكالات الثقافية بعد زوال حكم فرانكو الذي استمرّ أربعين عاماً  ، ويبيِّن الكاتب بالتفصيل طبيعة الحياة الثقافية أيام فرانكو الطويلة ، وقواعد الرقابة ، ومحاربة الكنيسةِ  المسرحَ  ، ومواقف الكتّاب بعد تراخي دكتاتورية الفالانج  ، بين عائدٍ إلى البلد ، ومُطِيلِ مكْثٍ في المنفى  ، إلى كل ما قد نراه  يماثل الحال الذي  نحن  فيه .
يقول جون هوبر " كانت إسبانيا 1936 بمثابة قوّةٍ كبرى إبداعـية . لقد أعطت العالم ثلاثة من أعظم فنانيه المعاصرين : بيكاسو ، دالي ، ميرو ، وهي تفتخر  بمؤلفين موسيقيين  مثل مانويل دي فايا  ، وروبرتو جيرهاردت الكاتالاني ، وجواكان رودريغو ... وفي الأدب ... جيل98  ، ثم جيل الـ27  : لوركا ، ألبرتي ، بيثنته ألكسنره ، بيدرو ساليناس .
لقد وقف معظم فناني إسبانيا ومثقفيها مع الجمهورية  ضد القوميين .
لكن نهاية الدكتاتورية لم تُعِدْ إسبانيا إلى موقع الطليعة الفنية والثقافية . كانت إسبانيا مثل رياضيّ مكبّلٍ ، مثقلٍ  ، ينتظر الانطلاق ، في رأي كـتّابٍ معيّنين ، لكن فاتَ أولئك الكتّابَ أن هذا  الرياضيّ  قد ترهّل َ وساخت عضلاتُه .
النهضة الإسبانية الجديدة لم تتحقّق ، وسيحتاج الأمر إلى قرنٍ أو نصف قرنٍ للشفاء من آثار دكتاتورية استمرت أربعين عاماً  ".
*
بين 1963 و2003 أربعون عاماً  عراقيةً ، تكاد تكون خالصةً لدكتاتورية البعث الدموية .
وقف معظم المثقفين والفنانين ضد دكتاتورية البعث .
وطُحِــنوا طحناً ، في زنازين  السجون ، وساحات الإعدام ، وفيافي المنافي .
وبالمقابل ، مع مَــرِّ السنين والعقودِ ، انخرط مثقفون وفنانون كثيرون في المنظومة الثقافية / الإعلامية لسلطة البعث .
الأسباب كثيرة ، لكنّ أهمّها ، في رأيي ، السلامة الفردية تحت السيف المصلت لنظامٍ لا يرحم حتى مؤازريه .
الأمور تبدأ هكذا ،  إلاّ  أن للانخراط قوانينه  ، وسوف يتحول طلَبُ السلامةِ إلى قناعةٍ . ومن هنا نلحظُ أن المثقفين البعثيين ، في المهجر ، لم يقولوا كلمةً واحدةً عمّا جرى ، كأنهم غير معْنيّـين ، أو كأن عراقاً غير بعثـيٍّ ليس عراقاً مســمّىً . لقد تحوّل الشعراءُ البعثيون ، في المنفى ، إلى متصوفةٍ كاذبين ، ومقاولي جمعياتٍ ثقافية ملفّقة في هولندا وسويسرا وبلجيكا  وسواها من بلدان الملجأ الأوربي . .
*
الفنانون والمثقفون اليساريون الذين كانوا السبّاقين في الهجرة ، استطاعوا في السنوات الخمس الأولى الحفاظَ على موقفٍ سياسيّ وأخلاقي واضحٍ وممتازٍ . كما أفلحوا في التوصل إلى صيغةٍ ما للتنسيق والاتصال  في ما بينهم ، وإن لم يفلحوا في تطوير أدواتهم الفنية  ، وبخاصة في الموسيقى والغناء والرسم والنصّ الشعريّ والمسرح ومحاولات السينما .
وهنا قد نجد تبريراً في طبيعة العلاقة  ( السلبية في الغالب )  بين المنفيّ والمنفى .
*
هذه المراوحة  في المكان والمكانة أفضتْ إلى هشاشةٍ في التكوين الفكري والثقافيّ ، هشاشةٍ جعلت المثقف اليساريّ في مهبّ الريح ، حتى لو كانت خفيفةً .
وعندما بدأت الإدارة الأميركية في الإعداد الجدّي لاحتلال العراق ، بعد 1991 ، عمدت أولَ ما عمدت إلى شــراء المثقفين اليساريين بخاصّـةٍ. ولم تجد الإدارة أي صعوبةٍ هنا ، بسبب ما ذكرتُه من هشاشةٍ ، بل أن عملية الشراء لم تكلِّفْها كثيراً من المال : مائة وخمسون دولاراً فقط  ،  في الشهر ،  للمثقف الواحد !
 ( وهناك قصصٌ تروى عن إضراباتٍ تطالبُ بهذا المبلغ التافه إذا تأخّــرَ ... ) .
*
ليس مستغرَباً ، إذاً ، أن يصمت مثقفو بلدٍ حتى الآن ( اليساريون منهم والبعثيون  ) ، على احتلال بلدهم ، بالرغم من كل المجازر التي يرتكبها المحتلّــون يومياً .
*
صحيحٌ أن حفنةً من رجال الدين والسياسيين الخونة ولوردات الحرب الأوباش  عقدوا الصفقة الأساسَ لإعادة استعمار البلد .
لكن من الصحيح أيضاً القولُ إن المثقفين ، بعامّةٍ ، أسهموا ، ويسهمون ، حتى اليوم ، في تأييد استعمار بلدهم وإذلاله
ونهب موارده .
لم يحدثْ ، قطُّ ، في تاريخ الثقافة العربية الحديث ، بل في تاريخ هذه الثقافة بإطلاقٍ ،   أن خان مثقفون بلدهم  ، مثل ما خان المثقفون العراقيون ( بعامّـةٍ  )  بلدَهم ...
بالـمَـجّــان !
لقد وقعوا تحت رعبِ قوائم القبض التي يهدَّدون بنشرها ، لو اتخذوا موقفاً مخالفاً الاحتلالَ ...
 بل أن التأطير لا يزال مستمراً ، تحت مسمّياتٍ جديدة ، مثل " لجان دعم الديموقراطية " ! ، والمنظمات غير الحكومية ، والجمعيات  " الثقافية "  ،  أو جمعيات الجالية  ،  التي تؤسسها سفارات إدارة الاحتلال مثل تلك التي في السويد وألمانيا والمغرب  وهنغاريا  وبلدانٍ عدّةٍ أخرى .
*
أقرنٌ ، إذاً ، أم نصفُ قَرنٍ ؟   

                                       لندن 6.8.2006

 
giardini.jpg
فيلم " الأخضر بن يوسف "
لمشاهدة فيلم الأخضر بن يوسف اضغط هنا
المواضيع الاكثر قراءه
البحث