الجمعة, 19 أبريل/نيسان 2024
الرئيسية
سيرة ذاتية
الاعمال الشعرية الكاملة
قصص قصيره
ديوانُ الأنهار الثلاثة
جِـــــــرارٌ بِلونِ الذهب
الحياة في خريطةٍ
عَيشة بِنْت الباشا
قصائـدُ هَـيْـرْفِـيــلْـد التلّ
طـيَـرانُ الـحِـدْأَةِ
الخطوة السابعة
الشــيوعــيّ الأخير فقط ...
أنا بَرلــيـنيّ ؟ : بــانورامـــا
الديوانُ الإيطاليّ
في البراري حيثُ البرق
قصائد مختارة
ديــوانُ صلاة الوثني
ديــوانُ الخطوة الخامسة
ديــوانُ شرفة المنزل الفقير
ديــوانُ حفيد امرىء القيس
ديــوانُ الشــيوعــيّ الأخير
ديــوانُ أغنيةُ صيّــادِ السّمَك
ديوان قصــائدُ نـيـويـورك
قصائد الحديقة العامة
صــورة أنــدريــا
ديــوانُ طَــنْــجـــة
ديوان غرفة شيراز
ديوانُ السُّونَيت
أوراقي في الـمَـهَـبّ
ديوان البنْد
ديوان خريف مكتمل
مقالات في الادب والفن
مقالات في السياسة
أراء ومتابعات
البحث الموسع
English
French
Spain
المتواجدون الان
يوجد حالياً 292 زائر على الخط
العراقي الطائر طباعة البريد الإلكترونى

عنوان البريد الإلكترونى هذا محمى من المتطفلين , تحتاج إلى تفعيل الجافا لتتمكن من رؤيته
الحوار المتمدن - العدد: 1179 - 2005 / 4 / 26
Imageبسبب مواقفه ــ الشجاعة والمبدئية والمشرّفة ــ المناهضة لاحتلال بلده العراق، يتعرّض الشاعر الكبير سعدي يوسف إلى هجمات شرسة تأتي غالباً، وليس دون مفارقة في الواقع، من بعض مواطنيه العراقيين. الأخبار الجيّدة، في المقابل، تقول إنّ رياحاً كهذه لا تهزّ جبلاً مثل سعدي من جهة أولى؛ وهي من جهة ثانية تشحذ همّته أكثر، فيصبح أبو حيدر أشدّ عزيمة وأمضى أسلحة!

وحين أتمّ سعدي السبعين العام الماضي، كرّس محمود درويش افتتاحية «الكرمل» لهذه المناسبة، وقال في أعظم شعراء العراق الأحياء كلمة حقّ لعلها بين الأصدق والأصفى والأعمق: «منذ قرأت شعر سعدي يوسف، صار هو الأقرب إلى ذائقتي الشعرية. في قصيدته الشفافة صفاء اللوحة المائية، وفي صوتها الخافت إيقاع الحياة اليومية. وقد أجازف بالظنّ أنه، ودون أن يكتب قصيدة النثر السائدة اليوم، أحد الذين أصبحوا من ملهميها الكبار، فهي تتحرك في المناخ التعبيري الذي أشاعه شعر سعدي في الذائقة الجمالية، منذ أتقن فنّ المزج بين الغنائية والسردية».
والحال أنني، في مسألة خطوط التأثير في قصيدة النثر العربية المعاصرة، كنت قد أعربت عن رأي مماثل، ولكن بصدد بدر شاكر السياب، خلال ندوة أقامها معهد العالم العربي في باريس مطلع 1995، إحياء للذكرى الثلاثين لرحيل السيّاب. وهذا تفصيل يعيدني إلى حكايتين عن السيّاب رواهما سعدي في شهادته أثناء الندوة تلك، تنطويان على دلالات كبيرة حول شخصية السيّاب.
الحكاية الأولى أن إعادة ارتباط سعدي بخلاياالحزب الشيوعي العراقي، في أعقاب إعدام «فهد» والشبيبي وزكي نسيم وآخرين من قيادة الحزب، تمّت خلال موعد سرّي جرى في البصرة، وكان الطرف الثاني في ذلك الموعد هو... بدر شاكر السياب. وسعدي يحرص على ذكر هذه الحكاية كلما اتصل الأمر بجلاء الغموض المحيط بعلاقة السيّاب التنظيمية المباشرة بالحزب، وهو على حقّ في ذلك تماماً. الوجه الآخر لهذا الجانب النضالي والتنظيمي الصريح، الذي يلحّ سعدي على إبرازه إنصافاً لبدر الإنسان أيضاً، هو التوترات الجمالية والإبداعية التي اكتنفت تلك العلاقة.
وبدر شاكر السياب ــ رائد التجديد الأخطر في الشعر العربي الحديث، والعبقرية القلقة المعذَّبة التي أشعلت حرائق شعرية محتدمة الأوار إلى يومنا هذا ــ دافع حتى نهاية عمره عن وعي رفيـع بمعنى وخصائص الشعر العظيـم كما أدركـه، وكما لا ينبغي للعمل السياسي المباشر أن يتدخل في حرفه وقسره وتشويهه. ولقد نُقل عن السيّاب قوله لرفاقه الشيوعيين الذين شاطروه بيت الحزب السرّي في الكويت: «أخي، ليس ناظم حكمت وحده بل لو وقف ناظم حكمت، ثم وقف على رأسه بابلو نيرودا، ثم وقف على رأس هذا أراغون، ثم وقف قسطنطين سيمونوف فوق رأس أراغون، لما بلغوا جميعاً كعب شكسبير»!
الحكاية الثانية هي أن سعدي سأل السيّاب عن مقطع (بات بعدئذ شهيراً وكلاسيكياً) من قصيدته «غريب على الخليج» يقول فيه:
أصيح بالخليج. ياخليج!
ياواهب اللؤلؤ والمحار والردى
فيرجع الصدى كأنه النشيج:
يا خليج!
ياواهب المحار والردى.
وعن السبب في أن الصدى رجّع جميع مفردات الجملة مادّة الهتاف باستثناء «اللؤلؤ»، وكيف ردّ بدر بالقول إن الصدى لا يرجّع هذه المفردة لخلوّها من أحرف اللين والمدّ كما في «خليج» و«محار» و«ردى». ولقد هزّتني شخصياً هذه الحكاية، لأنني بين أولئك الذين يرون في الكتابة الشعرية حالة وعي فريد واشتغال شعوري وإدراكي نشط، لغوياً وموسيقياً وفكرياً و...، له عواقبه المعرفية والسوسيولوجية والثقافية، وليس مجرّد حالة شعورية جارفة يختلط فيها ضغط الوحي بهذيان الإسترسال.
وقبل سنوات أثلج عباس بيضون صدري حين سجّل، في مستهلّ حوار معمّق أجراه مع سعدي وهما معلّقان في طائرة تقودهما إلى كولومبيا، أنه يعتبر سعدي «أحد المعلّمين الأهمّ في شعرنا»، وأضاف: «ربما لا نبالغ إذا وصفنا سعدي بالطائر، بل إنّ له جسدياً وجه طائر ونقلة طائر، وربما كان له من الطائر سهو وغياب ومفاجأة ومبادرة، فأنت تجده كلّ لحظة على غصن، لكنك مع ذلك تشعر أنّ شيئاً فيه عصياً على الإمساك، كتلك النبرة الغائبة في صوته، والتي تجعله أحياناً غير مسموع»...
العراقي الطائر ربما، على غرار الهولندي الطائر؟ بديع أن يكون، في الآن ذاته، ذلك الجبل الذي لا تهزّه ريح الشتيمة!

 
portrait-sketch.jpg
فيلم " الأخضر بن يوسف "
لمشاهدة فيلم الأخضر بن يوسف اضغط هنا
المواضيع الاكثر قراءه
البحث