سعدي يوسف
أبو نُواس 1
بضفيرتَينِ وراءَ ظَهرِكَ ، أو بأُغنيتي ، تنوسانِ
بمَساحبٍ مِنْ جَرِّ عالَمِنا القميءِ ، على الثرى
آلَيْتُ أنْ ألقاكَ ، حتى لو كرِهْتَ ، كما كرِهتُ ، أنا ، مكاني
لم نأتِ ، عن خطإٍ ، زُرارةَ ، نحنُ أصْدَقُ مَن يرى.
*
أيكونُ في قُطْرُبُّلٍ ، أو " هِيْتَ " ، لو أسرَفْتَ ، مأوانا ؟
غدرتْ بنا الأيّامُ ، يا صِنْوِي ، فصِرْنا في المنافي
ما عاد ، حتى اللهُ ، يذْكرُنا ، زماناً أو مكانا
لكنّنا سنظلُّ نحْفِرُ ، مثل ضفدعةِ الضِّفافِ
*
بضفيرتَينِ ، وراءَ ظَهرِكَ ، يا فتى ،
بالقِرْطِ في اليُسرى ، وبالأسمالِ ، أمضي
سأظلُّ ، مثلكَ ، صائحاً أو صامتا
سأظلُّ في الصّهَدِ الـمُـمـِضِّ ...
*
زَيْنُ الشبابِ أبو نُواسِ
زَيْنُ العذابِ أبو نُواسِ ...
لندن 07.03.2018
أبو نُواس 2
" مَعْقِلي نهرُ مَعْقِلٍ " ... أنتَ أدرى
يا رفيقي ، ابنَ هانيءٍ ، بالضواحـي
أنتَ في البصرةِ التي نِلْتَ نَزْرا
مِن عُذوقٍ بها ، ومَسْحَبِ راحِ
*
بينَ نُعْمى " أبي الخصيبِ " وبيني
ألفُ بحرٍ ، ومُرْتبىً ، ومَفازةْ ...
إنه البُعْدُ : أبْـعَدَ الشّرَّ عني
مثلَ خُبْزٍ ضاقتْ به الخبّازةْ
*
" معقِلي نهرُ معْقِلٍ " ... جَفَّ ماءُ
وارتمتْ نخلةٌ ، وهُدَّتْ جُسورُ
يا نُواسِيُّ ، ضاقَ حتى الفضاءُ
نحنُ خُذْروفُنا ... فكيفَ ندورُ ؟
*
هطلَ الثلجُ ، في الضواحي ، رقيقا
سوفَ أطوي ذاكَ الكتابَ العتيقا !
لندن 17.03.2018
أبو نُواس 3
بغدادُ ، لم يدخلْ بها ، المأمونُ ، والأجنادُ ، بَعْدُ
قُتِلَ الأمينُ ، وأنتَ في دارِ ابنِ نوبختَ ، الأسيرُ
أظننتَ أنّ الدارَ ، أعني دارَ إسماعيلَ ، مَنْجاةٌ ووعْدُ ؟
لم يَبْقَ للصعلوكِ مُلتجَأٌ ، وليس له مُجِيْرُ
*
لن تبلغَ الستِّينَ . هُمْ ختَموا حياتَكَ واستراحوا
مثل امريءِ القيسِ القتيلِ بِحُلّةِ الديباجِ مسموما
لن تبْلغَ السِتّينَ ! لن تُجْدِي صلاتُكَ والفَلاحُ
هذا ابنُ نوبختَ : اصطفَيتَ السُّمَّ ، مختوما !
*
لهَفي عليكَ ، على حريرِ ضفيرتَينِ ، وضِغْثِ رَيحانِ
بغدادُ يدخلُها ، ليقْلِبَ وجهَها ، المأمونُ والفُرْسُ
لهفي عليكَ ، أبا نُواسٍ ، أيُّها المتوحِّدُ العاني :
أظننتَها كأساً ؟ أمِنْ نوبَخْتَ تؤخَذُ هذه الكأسُ ؟
*
سأظلُّ ، يا ابنَ مدينتي ، في مأْمَنِ المنفى
لأقولَ شيئاً لن يقالَ ، وأُلْغِزَ الحرفا ...
لندن 17.03.2018
|