سعدي يوسف
(1)
سُوْنَيْت على الطويل
أجيءُ إلى هذي البُحيرةِ كلّما
فزِعْتُ من النفسِ العصيّةِ ، والجارِ
كأني أُداري جِنّةً أو جهنّما.
لأُلقي على ماءِ البُحيرةِ أطماري
*
لماذا أرى في الماءِ لونَ البنفسجِ
وفي قمم البلّوطِ نوراً من الماءِ ؟
أهذا الذي قد كنتُ ، في الـحُـلْمِ أرتجي
أم ارتفعتْ ، كالرايةِ الوردِ ، أسمائي؟
*
أقولُ : لقد خَبَّتْ بيَ الخيلُ ، في المدى
ولم تتَّرِكْ بحراً بعيداً ، و لا أرضا ...
تباركتَ ، يا سعدي ، وبُورِكتَ مُهتَدىً
لكَ الحقُّ ، كلُّ الحقِّ ، يا شَهْمُ ، أن ترضى
*
سلامٌ على الغصنِ الذي ليسَ يوصَفُ
وألْفُ سلامٍ للندى ، وهو رفرَفُ ...
لندن 21.02.2018
(2)
سونَيتْ على الخفيف
في الصباحِ الرّصاصِ ، فتّحْتُ بابي
واسعاً ، ثمّ سرتُ نحوَ الحديقةْ
كان في الدَّوْحِ ملْمَسٌ من ضَبابِ
كيف لي أن أرى المرايا الصديقةْ ؟
*
لم يكنْ في السماءِ غيمٌ ، ولكنْ
كان في النفسِ غيهبٌ مُدْلَهِمُّ
هل يعودُ الندى ؟ ألستُ أُراهِنْ
أمْ تراني انكفأْتُ آنَ أهِمُّ ؟
*
هل سيأتي خِشْفٌ وراءَ السياجِ
أمْ ستأتي ثعالبُ الدّغْلِ فجرا ؟
كلّما كِدْتُ في صَلاتي أناجي
طائرَ النارِ ، ألمَحُ الطيرَ فرّا ...
*
كيف لي أن ألُمَّ ما يتبدّدْ ؟
كيف لي أن أرى الصراطَ الممَهَّدْ ؟
لندن 24.02.2018
(3)
سونَيتْ على المتقارَب
كأني أُرَفرِفُ ... تلك الطيورْ
تجيءُ من الدّغْلِ ، آمنةً عند بابي
أتسألُني الطيرُ ، في هدأتي ، أن أطيرْ
فأحملَ زوّادتي ، قُصعةً ، للغيابِ ؟
*
سماءٌ رصاصٌ ، ونورٌ شفيف
يلوحُ من النهرِ ، آنَ الغروب
أهذا هو النخلُ ؟ أهو الحفيف
سيحملُني نحو يومٍ قريب ؟
*
تقولين لي : هل تظلُّ الحكايةْ
كما هيَ ؟ هل سبَتَ الناسُ دهرا ؟
هل الكونُ أظلَمَ ، حتى النهايةْ ؟
أليس به مَن يحاولُ أمرا ؟
*
إلى النهرِ ، حيثُ المراكبُ تسري
لففتُ العباءةَ ،
قلتُ : أُدَبِّرُ أمري !
لندن 24.02.2018
|