الجمعة, 19 أبريل/نيسان 2024
الرئيسية
سيرة ذاتية
الاعمال الشعرية الكاملة
قصص قصيره
ديوانُ الأنهار الثلاثة
جِـــــــرارٌ بِلونِ الذهب
الحياة في خريطةٍ
عَيشة بِنْت الباشا
قصائـدُ هَـيْـرْفِـيــلْـد التلّ
طـيَـرانُ الـحِـدْأَةِ
الخطوة السابعة
الشــيوعــيّ الأخير فقط ...
أنا بَرلــيـنيّ ؟ : بــانورامـــا
الديوانُ الإيطاليّ
في البراري حيثُ البرق
قصائد مختارة
ديــوانُ صلاة الوثني
ديــوانُ الخطوة الخامسة
ديــوانُ شرفة المنزل الفقير
ديــوانُ حفيد امرىء القيس
ديــوانُ الشــيوعــيّ الأخير
ديــوانُ أغنيةُ صيّــادِ السّمَك
ديوان قصــائدُ نـيـويـورك
قصائد الحديقة العامة
صــورة أنــدريــا
ديــوانُ طَــنْــجـــة
ديوان غرفة شيراز
ديوانُ السُّونَيت
أوراقي في الـمَـهَـبّ
ديوان البنْد
ديوان خريف مكتمل
مقالات في الادب والفن
مقالات في السياسة
أراء ومتابعات
البحث الموسع
English
French
Spain
المتواجدون الان
يوجد حالياً 286 زائر على الخط
منظرٌ مع سقوط إيكاروس طباعة البريد الإلكترونى

سعدي يوسف

ليس من سببٍ وجيهٍ في علاقتي المبكرة بالرسّام الآتي من القرن السادس عشر : بْروغِل

Bruegel  1525-1569

الفلاّح ، كما يُعْرَف ، ويُعَرَّف ...

المصادفةُ المحضُ هي التي جعلت هذا الرجل ، دون سواه ، أو مع سواه ، يحتلّ مكانته

في عقلي الباطن ، ويحتلّ مكانه  في أعلى جدار السُـلـَّمِ  بمنزلي ، في الضاحية اللندنية.

( قبل أيام جاءني يوسف الناصر بعد أن أغلق غاليري آرك بطبعة مكبّرة من اللوحة موضع الحديث هذا )

*

عملانِ من أعماله ظلاّ يسكنانني :

1- منظر مع سقوط إيكاروس

2- شتاء

لكني ، اليوم ، أحاولُ أن أتحدث عن علاقتي مع العمل الأول .

قبل الحديث ، عليّ أن أقدِّم معلومةً  ضروريةً تتّصلُ بالعمل الأول .

إيكاروس ، هو ابنُ ديدالوس الصانع الأثينيّ الماهر ، الذي استدعاه مينوس ، ملك كْريت ، كي يبني قرب قصر الملك في كنوسوس ( حيث اشتغل شييلمان الآثاري الألماني في حفرياته الشهيرة ) ،المتاهةَ ، اللابرينث ، كي يُحتجَز المينوتور ( نصف إنسان ونصف ثور ) وليدُ زوجة مينوس من سِفاد الثور الكريتيّ  ( أساطير الأوّلين ... )

ومثل جزاء سِنِمّار في الثقافة العربية ، سجنَ الملكُ مينوس ، ديدالوس ، في اللابرينث نفسه ... إلخ .

أرادَ ديدالوس أن يساعدَ ابنَه ، إيكاروس ، في الفرار من مـحبِـس كريت ، فأعدَّ له جناحَين ثبّتَ قوادمَهما ، وخوافيهما بالشمع  .

طار إيكاروس منتشياً  ...

وظلَّ يُصَعِّدُ في طيَرانه .

لم ينتبهْ إلى أن شمع الخوافي بدأ يذوب من حرارة الشمع .

وكما تقول العرب : الخوافي قوّةٌ للقوادمِ  ...

فجأةً وجد إيكاروس أنه يحرِّكُ ذراعَين بلا جناحَينِ .

هوى إيكاروس.

سقطَ في البقعة التي تحمل اسمه الآن : البحر الإيكاري

قربَ إيكاريا وهي جزيرة جنوب غربيّ ساموس  ،

ساموس التي ذكرَها اللورد بايرون في بيتيه الشهيرَين :

Dash down your cup

Of Samian wine

A land of slaves

Will never be mine.

وبترجمتي :

حَطِّمْ كأسَكَ

من خمرةِ ساموس

لا أرضى

ببلادِ عبيدٍ

لي أرضا ...

*

أكاديمية الطيَران اليونانية ، الآن ، تحمل اسم إيكاروس !

*

لم أكن أدري أن لوحة  " منظر مع سقوط إيكاروس " كانت مادة قصيدةٍ لشاعر الثلاثينيّات العظيم ،

أودِن  ...

قصيدة أودِن عن اللوحة تتماهى مع رأي شهيرٍ له عن الوعي والجماهير ، وهو غير بعيدٍ  عن رأي تولياتي القائد الشيوعي الإيطالي العظيم .

لقد انتبه أودِن إلى أن الفلاّح قد أدارَ ظهره إلى البحر ، مكتفياً بأن الشمس ساطعةٌ ، وبأنه يواصل الحراثة مشدوداً كالحصان إلى المحراث  .

لم ينتبهْ هذا الفلاّحُ إلى أمرٍ كان سيُغَيِّرُ العالَم !

*

اللوحةُ أمامي الآن .

وكما تُقرأُ لوحاتُ المناظر الطبيعية  ، عادةً ، تُقسَمُ اللوحة إلى أقسامها الثلاثة :

القسم الأول يحتلُّ فيه الفلاّحُ ومحراثه وحصانه  ، المساحةَ ، مع ملامح من الساحل.

القسم الأوسط  : البحر .

القسم الأعلى : السماءُ التي تبدو بيضاء لشدّة الوهج .

*

أين إيكاروس ؟

*

في أقصى يمين القسم الأوسط ، تجدُ ذراعاً  تنْجُمُ عن الماء :

ذراع إيكاروس الذي يغرق !

*

أُفكِّرُ الآن :

كيف اجتمع بروغل وأودِن على رؤيا واحدةٍ ؟

وبين ضخامة الفلاّح ومحراثه وحصانه ،  وخطفةِ ذراع إيكاروس  ...

ألا نقرأُ واقعَنا التافه ؟

 

لندن 17/10/2013

اخر تحديث الأربعاء, 22 نونبر/تشرين ثان 2017 20:20
 
portrait.JPG
فيلم " الأخضر بن يوسف "
لمشاهدة فيلم الأخضر بن يوسف اضغط هنا
المواضيع الاكثر قراءه
البحث