سعدي يوسف
أزعُمُ أن أفضل " بيت شِعر " في أوربا ، هو بيت الشِعر في العاصمة الفرنسية ، باريس ، يليه بيتُ الشِعر في مدينة نانْت ، الفرنسية أيضاً .
" بيت الشِعر " الباريسي ، يقع في قلب العاصمة ، قرب " عَلاوي باريس "
Les Halles
هذا البيت تابعٌ لبلدية باريس . أي أنه تابعٌ لجماعةٍ حضَريّة . لا لحكومة ، ولا لأشخاص.
كما يتولّى شأنَ البيت ، شاعرٌ فرنسيٌّ معروفٌ .
وبالرغم من هذا كله ، يحتفظ الشاعرُ الفرنسيّ ، بموقفه الشخصيّ من البيت ، سلْباً أو إيجاباً .
في أوائل التسعينيّات ، كنت أحرصُ على زيارة آخر شعراء فرنسا الكبار :
Eugene Guillevic 1907- 1997
في منزله .
كانت ثمّتَ أمسيةٌ في " بيت الشعر " .
سألتُه إنْ كان سيحضر . أجاب : لا ! لن أدخل " بيت الشِعر " ما دام جاك شيراك عُمدةَ باريس !
الشاعرُ الشيخُ ، يساريٌّ فتىً .
لي أن أذكرَ أن كَيفِكْ زار اليمن الديمقراطية ، ورافقتُه حتى حضرموت ، وادياً ومُكلأً .
في عدن انطلقت السيّارة في التوّاهي ، تحملُ أوجَين ، وزوجتَه لوسي ، تتقدّمُها درّاجةٌ ناريّةٌ .
قال أوجَين : للمرة الأولى في حياتي أحظى بموكبٍ رسميٍّ !
قصيدة من كيفِكْ
زاويةٌ حادّةٌ
أن تكونَ زاويةً
خيرٌ من أن تكون دائرةً .
وإنْ لم تَعِشْ هادئاً
فعليك أن تهاجمَ محيطَكَ .
بعد ذلك
سوف تجدُ الراحةَ
في حُلمٍ يغلقُ الجانبَ المفتوحَ
دائماً إلى الخارجِ .
*
في العالَم العربيّ ، يمكنني القول إن تجربة " بيت الشِعر " ليست ذات أهمّيّة ، باستثناء تجربة بيت الشِعر في المملكة المغربية ، آنَ منطلَقِها الأساسِ ، بمباركة من اليونسكو ، وشعراء العرب والمغرب .
" بيت الشِعر " في المغرب كان مموَّلاً من الجماعة الحضريّة .
أظنُّ التمويلَ ، الآن ، من جهاتٍ أخرى .
في عَمّان أسّسَ الراحل حبيب الزيودي ، بيتَ شِعر . كان البيتُ مضافةً ملَكيّةً ، أغلِقَتْ برحيل الزيوديّ .
ليس في العراق " بيتُ شِعر" ملموس .
ولا في سوريا ، أو سواها .
في مصر " بيتُ شِعر " : في القاهرة ، وهناك فرعٌ في " الأقصُر " أيضاً.
*
عندما أسلفتُ القول إن " بيت الشَعر " رايةٌ وطنيةٌ ، لا شقّةٌ للإيجار ، كنت أُلَمِّحُ إلى ما تفعله جهاتُ خليجيةٌ ، ربما عن حُسْنِ نيّةٍ ، حين تفتحُ " بيوتاً " مموَّلةً ، في أكثر من بلدٍ عربيّ ، بينها المملكة المغربية ، ومصر، مع إصرارٍ عجيبٍ على ذِكرِ المشيخة المموِّلة ، على باب البيتِ .
ليس من علاقة بين الشِّعر العربيّ ، والنبَطيّ .
وليس من علاقة بين أمسيةِ الشِعر ، وتهريجة شاعر المليون .
" بيت الشِعر " ليس شقّةً مفروشةً للإيجار ...
الإيجار الرخيص !
لندن في 09.10.2017
|