السبت, 20 أبريل/نيسان 2024
الرئيسية
سيرة ذاتية
الاعمال الشعرية الكاملة
قصص قصيره
ديوانُ الأنهار الثلاثة
جِـــــــرارٌ بِلونِ الذهب
الحياة في خريطةٍ
عَيشة بِنْت الباشا
قصائـدُ هَـيْـرْفِـيــلْـد التلّ
طـيَـرانُ الـحِـدْأَةِ
الخطوة السابعة
الشــيوعــيّ الأخير فقط ...
أنا بَرلــيـنيّ ؟ : بــانورامـــا
الديوانُ الإيطاليّ
في البراري حيثُ البرق
قصائد مختارة
ديــوانُ صلاة الوثني
ديــوانُ الخطوة الخامسة
ديــوانُ شرفة المنزل الفقير
ديــوانُ حفيد امرىء القيس
ديــوانُ الشــيوعــيّ الأخير
ديــوانُ أغنيةُ صيّــادِ السّمَك
ديوان قصــائدُ نـيـويـورك
قصائد الحديقة العامة
صــورة أنــدريــا
ديــوانُ طَــنْــجـــة
ديوان غرفة شيراز
ديوانُ السُّونَيت
أوراقي في الـمَـهَـبّ
ديوان البنْد
ديوان خريف مكتمل
مقالات في الادب والفن
مقالات في السياسة
أراء ومتابعات
البحث الموسع
English
French
Spain
المتواجدون الان
يوجد حالياً 320 زائر على الخط
" قلبُ الظلام " ... مع باتْرِكْ كوكبورنْ طباعة البريد الإلكترونى

ترجمة وإعداد : سعدي يوسف

(4)

النجفُ ليست بعيدةً ...

مع أزيز الطلَقاتِ الأولى ، بدأ الزوّارُ السائرون ، يركضون فزِعينَ على الطريق ، متشبّثين ببيارقهم وطبولِهم ، باحِثين عن مستتَرٍ .

نحن  ، بدورنا ،كانت لدينا الفكرةُ ذاتُها ، إذ انحرفْنا عن الطريق ،  لنختبيءَ خلفَ الجانب البعيد للمسجد.

فوقَنا ، كان رجالٌ يرتدون السواد يتسابقون في اعتلاء الجدران ، ويتّخذون أوضاعَ  رِمايةٍ . ثمّتَ آمرٌ يلَوِّحُ بمسدّسه ، ويصدرُ أوامره إليهم . بمواجَهة التهديد المشترَك الذي نتعرّضُ له ، صارَ المسلّحون الذين كانوا يتداولون أمر قتلنا ، أقربَ إلينا ، حتى أننا تقبّلْنا وجهةَ نظرهم . هناك نقطةٌ ظلّوا يردِّدونها على مسامعِنا :

" من الخطأ النظرُ إلينا باعتبارنا ميليشيا . نحن جيش " .

هم يقولون إنهم ليسوا مجرَّد قوّة دفاعٍ شيعيّة . إنهم جيشٌ حقيقيّ في خدمة الإسلام ، وزعيم المسلمين في العالَم ، مقتدى الصدر .

ظللنا محتمين بالمسجد ،  ننتظر نهاية تبادل إطلاق النار . وكنت ، آنَها ، أفكِّرُ بمقتدى الصدر ، وكيف استطاع أن يُلهِمَ شُبّاناً ليستدينوا أجرة النقل ، كي يلتحقوا بالقتال ،  وليموتوا ، من أجله ، إن استدعى الأمرُ ذلك .

رجالُ الشرطة والجيش  العراقيون ، الذين يدرِّبهم الأميركيون ، كانوا أشدّ إلحاحاً على تسلُّمِ مرتّباتِهم ، وهم يقولون بصراحة إنهم يفعلون ما يفعلون لإعالة أُسَرِهم ، وهم غير مستعدّين للموت من أجل أيّ أحدٍ.

ظلّ الرئيس بوش ، وتوني بلَير ، يردِّدان أن القوّات الأميركية والبريطانية ستغادرُ حين  يكون العراقيون قادرين على تولِّي أمورهم بأنفسهم . يبدو أنهما لم يفهما ، البتّةَ ،  أن المشكلة ليست في التدريب والتجهيز ، وإنما في الولاء والشرعيّة . قليلٌ من العراقيّين خارج كردستان رأوا  الاحتلالَ  ذا مشروعيّة . لهذا لم يمنحوا الاحتلالَ ولا الحكومات العراقية التي شكّلَها الاحتلالُ ، ولاءَهم . ربما كان السيد عبّاس يقود شراذمَ خطِرةً ، لكن هؤلاء يؤمنون بأن قضيّتهم ليس عادلةً فقط ، بل أنها تحظى بتأييد من الله ، ولهذا فهم مستعدّون للموت في سبيلها .أخيراً ، توقّفَ إطلاقُ النار في الجانب الآخر من مسجد مسلم بن عقيل . نظرنا ، بحذر ، من الركن ، فلم نستطع أن نرى شيئاً ، بسبب سعف النخيل الكثيف على ضفاف الفرات .

بدأ الزوّارُ يعودون إلى الطريق مواصلين  رِحلتَهم .

لم يُقتَل ، أحدٌ ، أو يُجرَحْ .

لذا كان الكثيرون يضحكون مرتاحين بعد عناء .

السيد عبّاس عاد إلى سيّارته ، ليقودنا إلى النجف .

كنا ننطلق بسرعة . واضحٌ أننا لم يكن بمستطاعنا متابعة الرحلة لولاه .

كانت هناك نقاط سيطرة عديدة لجيش المهدي ، ولعدة مرّات هُرِعَ المسلّحون لإيقافنا ، لكنهم سرعان ما كانوا يعودون حين يرون وجه السيد عبّاس يطلُّ عليهم من نافذة سيّارتِه .

النجف ليست بعيدةً .

في العام 661 الميلادي ، قتَلَ خارجيٌّ اسمه ابنُ مُلْجِم ،  بسيفٍ مسمومٍ ، الإمامَ عليّ بن أبي طالب وهو ماضٍ  يؤدي صلاةَ الصبح .

سيفُ ابن ملجم المسمومُ ارتطمَ بالإطار الخشبِ للباب ، لذا لم تكن الضربةُ قاضيةً في حينِها .

جُرِح الإمام عليّ جُرحاً بليغاً ، وماتَ بعد يومَين .

كان لدى الإمام عليّ الوقتُ ليوصي أتباعَه ، بأن يحملوه ، بعد موته ، على جَملٍ ، ويتركوا الجملَ يسير حتى يتوقّفَ بنفسه .

وحين يتوقّفُ الجملُ أخيراً  ...

عليهم أن يحفروا قبره و يدفنوه هناك .

الجمل لم يرحلْ طويلاً .

توقّفَ على مَبعدة ستة أميال من الكوفة ، على مشارف الصحراء .

ولقد دُفِن عليٌّ في البقعة ذاتِها .

مع مَرّ القرون صار القبر مزاراً ، وصارت النجف مدينةً حوله ، يؤمُّها ملايين الزوّار .

 

لندن في 30.08.2017

اخر تحديث الثلاثاء, 03 أكتوبر/تشرين أول 2017 20:45
 
akeer.jpg
فيلم " الأخضر بن يوسف "
لمشاهدة فيلم الأخضر بن يوسف اضغط هنا
المواضيع الاكثر قراءه
البحث