The Seven Days of Toronto
سعدي يوسف
(1)
يومُ القِرد
كان ، وهو الشريدُ ، يريدُ الوصولَ إلى غابةٍ .
كان يحملُ نظرتَهُ ، وابتسامتَه ، والبراغيثَ ،
مثلَ الجوازِ الذي سوف يحملُهُ ذاتَ يومٍ ...
لقد بَعُدَ العهدُ؛
والغابةُ ، الآنَ ، صارت دروباً ،
شوارعَ
أو ملْعَباً يتعاركُ فيه الصغارُ على كُرةٍ .
أين يمضي ، إذاً ، في العشيّةِ ؟
أيّانَ ترفعُه دوحةٌ بذراعَينِ من ورَقٍ ولِـحاءٍ ...
وأنّى سيُغمِضُ عينيه في هدأةِ المستحيلِ ؟
لقد قطعَ البحرَ
واستنفدَ البَرَّ ،
يحملُ نظرتَه ، وابتسامتَه ، والبراغيثَ
بحثاً عن الغابةِ ...
الآنَ ، سوف ترِقُّ له ، في الحديقةِ ، مصطبةٌ ؛
وهو يسألُها ، ذاهلاً ، أن تنامْ .
(2)
يومُ الله
لا سبيلَ إلى حيثُ تَسكنُ ، إلاّ سبيلُ الكنيسةِ ...
فاهدأْ
وكُنْ عاقلاً ، وحكيماً ، وأحْبِبْ، على الكُرْهِ ، تلكَ البنايةَ
أبوابَها ، وحجارةَ قِرميدِها ، والصليبَ الذي في الأعالي .
لاتَقُلْ إن جدرانَها تحجبُ النورَ عنكَ ،
ولا تسأل البلديّةَ عن مسْكنٍ لا تُطِلُّ عليه الكنيسةُ ...
إنك إنْ قلتَ هذا حُرِمْتَ حساءَكَ
والخبزَ ؛
إنك إنْ قلتَ هذا طُرِدْتَ من الجنّةِ ...
الناسُ راضون
فاهدأْ
وكُنْ مثلَ ما هُمْ عليه :
الجنون !
(3)
يومُ التبِت
يدفنُ التبتيّونَ موتاهمو في رؤوسِ الجبالِ
ويتَّرِكونَ لتلك الطيورِ الجوارحِ ، في الهملايا ، الطعامَ العجيبَ ...
ولكنهم ، ههنا ، في السهوبِ التي ليس فيها طيورٌ كتلك التي في ذُرى الهملايا ؛
هنا ، الشرُفاتُ ستكتظُّ .
تلك بيارقُ بوذا ،
وتلك التي في أناملِهم ، سُبَحٌ ، نحو مترَينِ طولا
وتلك ثيابُ النساءِ التي تتماثلُ عُرْضاً ولوناً وطُولا ...
تُرى ، أين يمضي ، هنا ، التبتيّونَ ، بالميّتين ؟
العماراتُ ، ليس بها ، ههنا ، سُلّمٌ للسطوحِ ...
وليس بها مثلُ تلكَ الطيورِ الجوارحِ في الهملايا ،
تُرى :
أين يمضي هنا ، التبتيّون ؟
قهوةُ تِمْ هورتِنْز ، البدءُ
قهوةُ تِمْ هورتِنز ، المنتهى ...
Tim Hortons
*
إننا لن نضيعْ
والدالاي لاما رَبُّ الجميع !
(4)
يوم الغرافيتي
إنْ تكُنْ برشلونةْ
أقربَ المدنِ الأجنبيّةِ للقلبِ ؛
فالفنُّ ما كانَ أقربَ
في هذه القلعةِ الكنديّةِ...تورنتو
إنك بين العمائرِ ، فأرٌ تَناهبَهُ الفقرُ
والذُّعرُ ...
أنت الذي جئتَ من كوكبِ آخرَ ، الخبزُ لكْ
والزنازينُ قد قدّرتْ منزلَكْ ،
والتمشِّي على الماءِ لكْ ...
والقميصُ الذي كان يلبسُهُ اللصُّ لكْ .
أطبَقَ الفخُّ :
فاهداْ قليلاً
ودَعْ شارعَ الناسِ للناسِ ...
دعْ بَرشلونةَ نائمةً في البعيدِ ، وناعمةً ، هشّةً ، مثلَ أطفالِ مِيرو
وكُنْ في الزُّقاقِ الفقيرِ
لترسُمَ ما يجعلُ الوهمَ أجملَ
ما يجعلُ الوحْلَ يبدو مَعارِجَ نحو السماء !
(5)
يوم البُحيرة
تبدو بُحيرةُ أونتاريو كأنّ بها بحراً، وأنّ وراءَ البحرِ سلسلةً من الجبالِ
وأنّ الطيرَ يهبطُ من تلك الجبالِ
إذا ما الليلُ جَنَّ ، ليأتي في الصباحِ إلى الساحاتِ
يصرخُ موجوعاً ، من الجوعِ ،
كم حاولتُ أن أجدَ الخبزَ الذي كان يرميه الحُفاةُ لهُ ...
كانت نوارسُ تورنتو تَخاطَفُ كي تناهبَ الخبزَ ، حُرّاً في الهواءِ.
لِمَنْ ، إذاً ، أكنِزُ الماسَ ؟ انتهيتُ إلى أني سأُطعِمُ
أسرابَ النوارسِ ماساً ...
يا بُحيرةَ أونتاريو سلاماً
أليس البحرُ ما يَعِدُ ؟
(6)
يوم الشمس
شمس نيسانَ باردةٌ رطْبةٌ ...
أهيَ عشبُ البحيرةِ علّقَهُ عابثٌ بالسماءِ ؟
الغيومُ الشفيفةُ سارتْ إلى مستقَرٍّ لها ...
كي تُدَبِّرَ للناسِ في البلدةِ الكنديّةِ شمساً ؛
ولكنها شمسُ نيسانَ
باردةٌ
رطبةٌ ...
والبحيرةُ هادئةٌ ، شِبْهُ قاتمةٍ
ماؤها من رصاصٍ مُذابٍ ،
نوارسُها ، منذ قرنٍ ، تلوذُ بما هيّأتْهُ الكنائسُ.
هل تَغْرُبُ الشمسُ ؟
هل تشرقُ الشمسُ ؟
بَلْ
هل تساوى هنا ، ليلُنا والنهارْ ؟
...........
...........
...........
شمسُ نيسانَ ، باردةٌ ، رطْبةٌ ...
(7)
يوم الصين
أنت في الـChinatown
فاتّئِدْ ، واعتمِدْ ما تراه أمامَكَ :
أنت ترى اللافتاتِ ...
أتقرأُ ؟
إنْ لم تكنْ تقرأُ الصينَ ، فاذهبْ إلى حيثُ تقرأُ !
أنت في الــــChinatown
أطرشُ في زفّةٍ !
غيرَ أنك تدخلُ ...
أعني سيأخذُكَ اللونُ حتى النهايةِ ،
حتى ترى أنّ ما كنتَ تحسَبُهُ كنَدا ، لم يكنْ ، أبداً ، كنَدا ...
أنتَ في الصينِ
فلْنحتفِلْ !
تورنتو 25.04.2015.
|