سعدي يوسف
إنْ صحّت الأنباءُ ( وليتَها لم تصحّ ) فإن محمد سعيد الصحّاف ، غادرَنا إلى الدار الأخرى .
لنتركْ كلّ الحديث المبتذَل ، والسخريةَ من رجلٍ ظلَّ يرفض الاحتلالَ حتى بلغتْه دبّابةٌ أميركيةٌ تعبرُ جسراً ببغداد .
علينا أن نعتبر .
علينا أن نقول إن محمد سعيد الصحّاف كان على حقٍّ .
كان على كل مواطنٍ عراقيّ أن يقول لا للإحتلال كما قالَها الصحّافُ .
*
الصحّاف ، هو من البعثيّين الأوائل ، التُّقاة ، النقاةُ ، الذين أرادوا بالعراق وبلاد العرب خيراً .
الصحّاف هو من أولئك البعثيّين ، أمثال عبد الرحمن منيف ، وشفيق الكمالي ، وعبد الخالق السامرّائي
( القائمة الجميلة طويلة )
الذين حاولوا ، وأفلحوا ...
حتى أجهزَ عليهم صدّام حسين .
*
إنْ أجهزَ صدّام حسين على البعث وأهله ، فإنه لن يُجهِز على التاريخ الذي سيحفظُ لأولئك الناس مأثرةَ اجتراحِ المستحيل !
*
تولّى الصحّافُ ، مسؤوليّةَ الإعلام :
كلُّ الإعلامِ بيده ( البعثيّون ألحقوا الثقافةَ بالإعلام ) .
لكنّ اليدَ العُليا التي امتلكَها ، لم تكن أداةَ بطشٍ :
كان يقول لي :
نحن ، البعثيّين ، ليس لدينا كادرٌ ثقافيّ مثلكم ( يعني الشيوعيّين ) . أنا أتعاون معكم في الإعلام ، في الإذاعة والتلفزيون ، حتى يتدرّبَ البعثيّون ، ثم نستغني عنكم !
كان صريحاً .
وكان يقولُها مرِحاً ...
لكن محمد سعيد الصحّاف كان من بُناة الدولةِ الحُلْمِ .
هكذا لم يقُمْ بمجزرةٍ في الوظيف .
*
في زمنه ، صار حسين مردان ( الشاعر الرجيم ) مديراً للإذاعة الوطنيّة !
حِسَب الشيخ جعفر كان هناك مكرَّماً حتى قبل أن يُرغَم على الإنتماء إلى البعث ، في حُمّى التبعيث أواخر السبعينيّات .
بإمكاني أن أعدِّدَ أسماءَ وأسماءَ ...
*
ثم ...
هناك محمد سعيد الصحّاف الرومانسيّ :
كان يحبُّ باريسَ ،
يحبُّ منزلاً فيها ...
لندن 05.11.2016
|