سعدي يوسف
مَقاتلُ الطالبيّين كانت مَعْلَماً بارزاً لِوحشيّة التعامل مع الخِلاف ، في تراثنا باعتبارنا أمّةً .
لكننا ، هنا أيضاً ، لسنا بِدْعةً بين الأمم ، كي نقول إننا وحوشٌ .
الأسرُ الأوربية ، ذاتُ المنزع الملكيّ ، المتنافسة على الحكم فعلتْ أسوأ ممّا فعلْنا نحن .
منذ العصر الوسيط ، حتى الآن ، تتعاملُ الأسرُ الملكيّةُ ، بلا رحمة ، مع مَن أرادوا اختلافاً :
مقتل الأميرة ديانا مع صديقها المصري ...
مثلاً .
*
الآن أعود
إلى ميراثنا ...
إلى المتوكِّل الخليفةِ ، الذي ابتنى سامرّاء ( سُرَّ مَن رأى ) عاصمةً .
كان المتوكلُ مهووساً بعداء آل البيت .
حتى لقد استلهمَ هوَسَه شعراءُ كبارٌ مثل أبي تمّام القائل :
ورافضةٍ تقول برأسِ رضوى
إمامٌ ...
خابَ ذلك مِن إمامِ !
إمامٌ مَن له عشرون ألفاً
من الأتراك ، مُشْرعة السهامِ ...
( معروفٌ أن المتوكلَ استخدمَ الأتراكَ مرتزقةً لأنه كان يخشى مكائد العرب )
*
لقد بلغَ حقدُ المتوكلِ على آل البيت ، حدَّ أنه أمرَ بنبش قبورِهم ، والتخلّص من رميمهم ، في خرّارة الماء.
ثم مضى أبعدَ ، حين دفنَ في قبورهم الكريمة ، كلاباً وقططاً ...
*
الآن
يأتي الزوّارُ إلى مَزاراتِهم ...
يأتون إلى العراق الشيعيّ
أو العراق المتشيِّع أميركيّاً أو إيرانيّاً ...
يأتون من كلّ فَجٍّ عميقٍ
ليزوروا كلاباً وقططاً دفنَها المتوكِّلُ !
لندن 20.10.2016
|