سعدي يوسف
الصحفُ الناطقة باسم الاحتلال في العراق ، ثلاثٌ :
الصباح
طريق الشعب
المدى
و الحقُّ أن صحيفة الاحتلال الأولى التي صدرت ، صبيحةَ الاحتلال ، متهلِّلةً ، فائقةَ السعادة ، هي صحيفة ما كان حزباً شيوعيّاً عراقيّاً : طريق الشعب .
هذه الصحيفة تواصلُ حتى اليوم ، دورَها ، ومَهَمّتَها ، ناطقةً باسم الاحتلال .
لكن صحيفة الاحتلال الرسميّة ( الناطقة باسم حكومات الاحتلال المتماثلة ) هي : الصباح .
العجيب أن من تولّوا رئاسةَ تحريرِها ، منذ عددها الأول ، كانوا شيوعيّين مرتدِّين :
هكذا من الأعور جمعة ، إلى الأعسم عبد المنعم .
أمّا اليومَ ، مع مجيء شوقي عبد الأمير ( الذي لايستطيع أن يكتب جملتين معْرَبَتَين ) ، فقد اتّخذت الأمورُ مسرىً آخر .
نحن اليوم مع بعثيّين مرتدِّين .
لقد أدخلَ علي الشلاه ، سمسارَه ، أيّامَ سويسرا ، شوقي عبد الأمير ، في المستنقع .
في أواسط التسعينيّات كنت مقيماً في عمّانَ ، على قلقٍ .
آنَها كان علي الشلاه يتولّى إدارة غاليري الفينيق ، وهو واجهةٌ لبارزان التكريتي .
كان عبد الوهاب البيّاتي ، إيّاه ، مسؤولاً عن المثقفين البعثيّين الذين أرسلَهم عديّ صدّام حسين إلى عمّان ، ليتدبّروا أمرهم ، في اللجوء ، أو العمل ، بعد أن نضبَ ما بين يديه من موردٍ .
البيّاتي كان يتلقّى مرتّبَه الشهري من وزارة التربية الأردنيّة ، بموجب ترتيب خاصٍّ بين الحكومتَين العراقية والأردنيّة .
هكذا صار علي الشلاه في قبضة عبد الوهاب البيّاتي !
كانت لعبد الوهاب ابنةٌ ليست ذات حظوظ باهرةٍ .
كان البياتي يريد من علي الشلاه أن يتزوّجَها .
علي الشلاه كان له رأيٌ مختلفٌ .
*
في أحد الأيام طلب الإيطاليّون من البيّاتي أن يرشِّح لهم شاعراً شابّاً ليقرأ في ميلانو .
البيّاتي رشّحَ علي الشلاه ، زوج ابنته القادم ...
بعد أن وصلَ " الشاعرُ " الشابُّ ميلانو ، اتّصلَ بفوزي الدليمي المقيم هناك ، ليساعده في التسلّل إلى سويسرا ، عبرَ البحيرة .
قال له فوزي : أنا مواطنٌ إيطاليّ ، ولا يمكننتي القيامُ بأمرٍ كهذا .
على أيّ حال ...
عثر علي الشلاه على مُهرِّبٍ ، فعبرَ البحيرةَ ، إلى سويسرا ، حيث طلبَ اللجوءَ السياسيّ باعتباره مضطهَداً.
*
في سويسرا ، أسّسَ الثعلبُ المدرّبُ ، المركزَ العربي السويسريّ ، كسباً للمال ، وللمآل .
شوقي عبد الأمير كان سمسار علي الشلاه ، في الاتصال ، وتدبير الدعوات ، وقد أفلحَ حتى بدعوة أدونيس!
شوقي عبد الأمير خادمٌ بطبيعته ...
*
حين افتتحت جمهورية اليمن الديمقراطية سفارتَها في باريس ، اتّصلَ الرفاقُ اليمانون ، بمنظمة الحزب الشيوعيّ العراقي في باريس ، طالبينَ مستخدَمَينِ محليّينِ ليعملا بوّابَينِ في السفارة .
المنحطّ المقبور رحيم عجينة ، كان مسؤول منظمة باريس .
رشّحَ اثنَين :
شوقي عبد الأمير
فيصل لعيبي
*
كان فيصل لعَيبي ( باعتبار بِنْيَتِه ) بوّابَ الشارع .
شوقي عبد الأمير ( القميء ) كان بوّابَ أعلى السلّم .
*
لم يمكث فيصل لعَيبي طويلاً ، فذهبَ إلى إيطاليا .
لكن شوقي عبد الأمير ، المولَع بأن يكون خادماً ، فقد استمرّ في المهنة الأثيرةِ ، حتى تولاّه الوهمُ بأنه من اليمن ، بل لقد اقتنع مدير اليونسكو ، حينَها ، الأبلهُ فكتور مايّور ، بالأمر ، فقال في مناسبة يصف شوقي عبد الأمير بالشاعر اليماني الكبير :
Le grand poete Yemenit
( سمعتُ العبارة بأذُنَيّ )
*
ليس في هذا كلِّه ما يُعِيبُ ، مقايسةً .
لكن المعيب هو الآتي :
في مطلع التسعينيات ، ومع الانتفاضة في العراق ، كنّا في :
Forum Democratiqe Irakien
ننظم التجمّعات والتظاهرات في شوارع العاصمة الفرنسية وقاعاتها . كانت الشرطة الفرنسية تطاردنا وتضربنا.
في هذا الوقت بالذات ، كان شوقي عبد الأمير ينسِّقُ مع جهات فرنسية وعربية وعراقية ، أنشطةً مؤيدةً للنظام ، نظام صدّام حسين .
العراقيّون الذين كانوا في باريس ، تلك الأيامَ ، يعرفون هذا جيّداً .
وربّما كان " أبو رواء " ، رائد فهمي ، أكثر مَن يعرف ، باعتبار مسؤوليّته ، آنذاك ، عن منظمة باريس للحزب الشيوعيّ العراقيّ .
لندن 05.10.2016
|