سعدي يوسف
في معرض الدار البيضاء للكتاب ، المعرض الأخير في فبراير ( شباط ) هذا العامَ ، التقيتُ وحيد الطويلة ، في مطعم فندق أدّو أنْفا ( أي الدار البيضاء بالأمازيغيّة ) ، وكان له فضلُ إهدائي نسخةً من روايته العجيبة
" باب الليل" .
وعدتُه بقراءتها ، وقد قرأتُها ، ممتنّاً .
لقد أعادني إلى أيّام تونس ، التي عرفناها ، بما فيها ، بعد أن طردتْنا دبّابات شارون من بيروت ، لتلقي بنا عبر البحار ... نحو شواطيء تمتدّ من طرطوس السوريّة ، حتى حمّام الشطّ التونسيّ ، بل حتى فانكوفر الكنديّة !
*
عبر صفحات الرواية ، وهي 248 عدّاً ، نهبط إلى القاع ، القاع الحقيقيّ ، غيرِ المهذّب أوالمشذّب .
نحن في القاع ، في المستنقع : الثورة وفلسطين ، تونس وأهلها ، الرجال كالنساء ، والنساء كالرجال .
وهناك مَن يريد الذهاب إلى العراق ، لينضمّ إلى المارينز !
من السطور الأولى تشتمّ الروائح :
المرحاض !
العالَم مرحاضٌ ، كبيرٌ ، يوميٌّ ، مقصودٌ ، مؤهّلٌ .
هنا تتفّسُ الرداءةُ :
جنساً
وسياسةً
هنا أيضاً ، سوف يظل أبو جعفر ( الذي حفظ له وحيد الطويلة اسمه ) أميناً على هواه العراقيّ ، على أسطورة معركة المطار ببغداد 2003 ، وحلم عودة صدّام حسين على جوادٍ أبلقَ .
( كان أبو جعفر صديقاً لي في تونس تلك الأيام ) .
*
الرواية مصريّة .
و " باب الليل" التي كُتِبَتْ بين مقاهي تونس وأبوابِها ، تظل مصريّةً ، بمهارتِها وراديكاليّتِها ، وبالإيهام الذكيّ الذي يجعلك تحسُّ أنك تقرأ حياةً ، لا روايةً عن حياة !
لندن 03.02.2016
|