الثلاثاء, 16 أبريل/نيسان 2024
الرئيسية
سيرة ذاتية
الاعمال الشعرية الكاملة
قصص قصيره
ديوانُ الأنهار الثلاثة
جِـــــــرارٌ بِلونِ الذهب
الحياة في خريطةٍ
عَيشة بِنْت الباشا
قصائـدُ هَـيْـرْفِـيــلْـد التلّ
طـيَـرانُ الـحِـدْأَةِ
الخطوة السابعة
الشــيوعــيّ الأخير فقط ...
أنا بَرلــيـنيّ ؟ : بــانورامـــا
الديوانُ الإيطاليّ
في البراري حيثُ البرق
قصائد مختارة
ديــوانُ صلاة الوثني
ديــوانُ الخطوة الخامسة
ديــوانُ شرفة المنزل الفقير
ديــوانُ حفيد امرىء القيس
ديــوانُ الشــيوعــيّ الأخير
ديــوانُ أغنيةُ صيّــادِ السّمَك
ديوان قصــائدُ نـيـويـورك
قصائد الحديقة العامة
صــورة أنــدريــا
ديــوانُ طَــنْــجـــة
ديوان غرفة شيراز
ديوانُ السُّونَيت
أوراقي في الـمَـهَـبّ
ديوان البنْد
ديوان خريف مكتمل
مقالات في الادب والفن
مقالات في السياسة
أراء ومتابعات
البحث الموسع
English
French
Spain
المتواجدون الان
يوجد حالياً 182 زائر على الخط
كشَعرةٍ في مفْرِقي ... طباعة البريد الإلكترونى

Image


سعدي يوسف
تقول أنّا أخماتوفا ( 1889 - 1966 ) إن الشاعرَ شخصٌ لا يُمْكـنُكَ أن تعطـيه شيئاً ، كما لا يمكنك أن تأخذ مــنه
 شـيئاً !
أي أن الشاعرَ مكتفٍ بذاتِه ، قائمٌ بذاته ، ولِذاتِهِ .

إنه كالبحر.
يقول أهلُ اليمنِ : البحرُ يعطي ويأخذُ .
قالَها لي صيّادُ سمَكٍ على شاطيءٍ مهجورٍ في عدن ، غير بعيد عن الجولد مور ، حين كدتُ أغرقُ في موجٍ متدافعٍ من البحر المفتوح . كان الدم يغمر جسدي من القواقعِ المسنّنة  التي جرّحتْني كالخناجرِ ، في محاولاتي الإمساك بالجُرْفِ ؛ فنثرَ الرملَ على جراحي ، وهو يقول :
البحرُ يعطي ويأخذُ !
أذاً ، كاد البحرُ يأخذني ...
البحرُ يعطي ويأخذُ ؛
لكنك لا تستطيع أن تعطيَ البحرِ شيئاً ،
 أو أن تأخذ البحرَ  ملْكاً خالصاً لك .
*
أنّا أخماتوفا قالت هذا في مقابلةٍ أخيرةٍ لها ، بعد ستة عقودٍ من ممارسة الشِعر ، فنّاً رفيعاً .
أزعُمُ أن الشاعرة الكبيرة ، كانت تشير إلى العلاقة بين الشاعر والمجتمع .
وأمضي في زعمي فأقول إن المجتمع يريدُ أن يعطيَ الشاعرَ عطاياه الرخيصةَ : رضا السلطة . المال . الوجاهة ...,
لكنه ( أي المجتمع ) يريد أن يسلبَ الشاعرَ ، جوهرَه ، يريد أن يسلبَ حرّيتَه ، وفرادتَه ، وصوتَه المستقلّ . يريدُ أن يسلبَ
الصنجَ العالي .
وباختصار شديدٍ : يريدُ أن ينتفي الشاعرُ ويختفي ، كي يظل المجتمع سعيداً بدونيّتِه ، وجهلِه ، وقذارتِه ، ووجهائه التافهين،
وحكّامِه الأنجاس  ، وسياسيّيـه الجهَلة .
*
أنّا أخماتوفا  ، كانت حتى آخر يومٍ من حياتِها الغنيّةِ ،  تحت هذه الوطأة الشرّيرة ، من مجتمعٍ قيلَ إنه حلمُ البشر الأسمى !
لكن الشاعرة الرائعة ظلّتْ صامدةً عقوداً ستّةً .
لكأنها ترددُ مع المتنبي القتيل :
محتقَرٌ في همّتي 
كشعرةٍ في مفرِقي !
* * *
قصيدة لأنّا أخماتوفا
في ذكرى م .ب
ترجمة : سعدي يوسف

أمنحُك هذه ، بدلاً من الزهور على قبرك ،
بدلاً من إيقادِ البخورِ ؛
لقد عشتَ على الكفافِ
واحتفظتَ حتى النهايةِ بتلك الكبرياء .
شربتَ النبيذَ ، وأطلقتَ الدعابةَ كما لم يطْلِقْها أحدٌ
واختنقتَ بين تلك الجدرانِ الضاغطةِ ،
وأنت ، نفسُك ، أدخلتَ تلك الضيفَةَ الرهيبَةَ
وبقِيتَ وحيداً معها .
أنت لم تَعُدْ ، ولا شيءَ يُسمَعُ ، في أيّ مكانٍ
عن حياتك النبيلةِ الأسيّةِ ،
صوتي ، وحده ، مثل نايٍ
يعلو  في جنازتك الصامتةِ .
آهٍ ...
مَن تُراه يصدِّقُ ، أني ، نصف المجنونة ، أنا المنتحبة على الأيام الخوالي ،
أنا المتأجِّجة على اللهبِ الخفيفِ ،
 أنا التي فقدتُ كلَّ شيءٍ ، ونسِيتُ كلَّ أحدٍ -
سوفَ أتذكّرُ الشخصَ
المـفْعَمَ قوّةً وإرادةً وتطلُّعاً لامعاً
الذي حدّثَني ، حتى أمسِ ، كما بدا لي ،
متكتِّماً على ارتجافةِ الألمِ المميتِ .

آذار 1940
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كُتِبَ النصُّ بلندن في التاسع عشر من تمّوز ( يوليو ) 2015

 
damabada.jpg
فيلم " الأخضر بن يوسف "
لمشاهدة فيلم الأخضر بن يوسف اضغط هنا
المواضيع الاكثر قراءه
البحث