مثل طائر الفينيق : المدنُ الأصيلة تنهض من رمادِها |
|
|
سعدي يوسف ميخائيل نعَيمة ناثرٌ عظيمٌ . ولَطالما بهرَني جمالُ نثرِه ، حتى كدتُ أعتبرُه ناثراً ، وهو الشاعر . وما زلتُ أتذكّرُ أحد نصوصِه ، عن طائر الفينيق ، كيف يحترق بنارِه ، بجمالِه ، وكيف ينهضُ من رمادِهِ ، أجملَ ، وأبهى .
أذكرُ هذا ، لأقول شيئاً عن المركز الثقافي " إيل بورْن " أي الغِمْد ، في برشلونة . علينا أن نعود إلى العام 1700 ، وأن نسير في تلك الشوارعِ التي قاومت الحصار البحري والبرّيّ الذي فرضتْه جيوشُ الملك الإسباني فيليب الخامس ، حتى الحادي عشر من أيلول 1714 ، حين استسلمت المدينة ، بعد آخر هجومٍ معاكسٍ للخيّالة الكاتالانيّة ، وكان كازانوفا ، قائد الدفاع عن المدينة ، جريحاً مدمّى . * المركز الثقافيّ El Born ، أقيمَ على ثمانية آلاف مترٍ مربّعٍ من أطلالِ برشلونة ، المدينة التي سوّاها فيليب الخامس بالأرض. أنت تدخل المركزَ الآن ... تنظرُ إلى أسفلَ لترى البيوتَ والدروبَ التي كانت تضجُّ بالحياة أوائل القرن الثامن عشر . البيوت التي كانت جزءاً من القلعة المستعصية . * الآن يشكلُ هذا المركزُ عصَبَ الحياة الثقافية ، ليس في برشلونة وحدها . إنه علامة ضوءٍ في أوربا المتحضِّرة . آخرُ ما رأيتُ في " الغِمْد " كان معرضاً شاملاً للحِرَف اليدويّة الكاتالانيّة . * هكذا تنهضُ المدنُ الأصيلةُ من رمادِها ، لتتألّقَ أبهى حتى ممّا كانت عليه . أنا أسكنُ في نُزْلٍ يحملُ اسمَ القلعةِ ، تيمُّناً ، ولا يبعُدُ عن المركز الثقافيّ سوى أمتارٍ ! برشلونة 13.07.2016
|