سبعة دروسٌ في فن الشِعر من و.ه. أودِنْ W.H.Auden 1907-1973 |
|
|
Dichtung und Wahrheit الحقيقة والخيال (قـصيدةٌ غير مكتوبة ) ترجمة سعدي يوسف 1 متوقِّعاً وصولَكِ غداً ، وجدتُني أفكِّرُ أنا أحبُّكِ : ثم تأتي الفكرةُ :- عليَّ أن أريد كتابةَ قصيدةٍ تُعَبِّرُ تماماً عمّا أعنيهِ حين أفكِّرُ بهذه الكلماتِ .
2 أوّلُ ما أطلبُهُ ، حين أقرأُ قصيدةً كتبَها سواي ، أن تكون جيّدةً ( اسمُ كاتبِها ذو أهميّةٍ ثانويّةٍ ) ؛ أمّا القصيدةُ التي أكتبُها فإن مطْلبي الأول منها أن تكون أصيلةً ، يمْكِنُ التعرُّفُ عليها ، مثل خطِّ يدي ، إذ أنها كُتِبَتْ ، على عِلّاتِها ، من قِبَلي . ( في ما يتّصِلُ بقصائدِ الشاعرِ نفسِه ، فإن ما يفضّلُهُ الشاعرُ ، وما يفضِّلُهُ قُرّاؤهُ ، متشابكٌ ، ونادراً ما يكون متوافقاً. ) 3 لكن على هذه القصيدةِ التي أريدُ أن أكتبَها الآن ، أن تكونَ ، ليس فقط جيدةً وأصيلةً ، بل عليها أن ترضيني ، وعليها أيضاً أن تكون صادقةً . قرأتُ قصيدةً لشاعرٍ ذرفَ دمعةَ فراقٍ لمحبوبته : القصيدة جيدة ( أثّرَتْ فِيَّ شأن أي قصيدةٍ جيّدةٍ ) وأصيلة ( تعرّفتُ فيها على خطّ يدِ الشاعر ) . في ما بَعدُ ، ومن قراءتي سِيرةً ، عرفتُ ، أن الشاعرَ ، وقتَ كتابتِها ، كان يبغضُ حتى الموتِ ، تلك الفتاةَ لكنه تظاهرَ بالعويلِ ، كي يتجنّبَ إيذاءَ المشاعرِ ، والمشهدَ . هل أثّرتْ هذه المعلومةُ ، سلباً ، في إعجابي بقصيدتِهِ ؟ أبداً . أنا لم أعرفْه شخصيّاً ، وحياتُه الخاصة لاتهمُّني . هل كان هذا سيؤثِّرُ في إعجابي ، لو كنتُ أنا ، كتبتُ القصيدةَ ؟ آمُلُ في ذلك . 4 لن يكفي أنّ عليّ الاعتقادَ بأن ما كتبتُهُ كان صادقاً : لكي أرضى ، على الصدقِ في هذه القصيدةِ أن يكون واضحاً بذاتِهِ . على القصيدةِ أن تكون مكتوبةً ، بطريقةٍ تجعلُ القاريءَ لا يقرأ أنا أحِبُّكِ ، كما يقرأ أنا أحِبُّكِ . 5 لو كنتُ مؤلِّفاً موسيقيّاً ، فأظنُّني قادراً على تأليف قطعةٍ موسيقيّةٍ تُعَبِّرُ للمستمعِ عمّا أعنيه آنَ أفكِّرُ بكلمة حُبّ ، لكنْ سيكون مستحيلاً عليّ أن أؤلِّفَها بطريقةٍ يعرفُ المستمعُ ، بها ، أن هذا الحُبّ كان لكِ أنتِ . ( لا للّه ، أو أُمّي ، أو النظام العَشريّ ) . لغةُ الموسيقى لازمةٌ ، غير متعدِّيةٍ ، كما كانت . هذه اللزوميّة ، بالضبط ، هي التي تجعلُ ، سؤال المستمعِ بلامعنى ، لو سألَ :- " هل يعني هذا المؤلفُ ، حقّاً ، ما يقولُ ، أم أنه يتظاهر بذلك فقط ؟ " 6 لو كنتُ رسّاماً ، فأظنني قادراً على رسم بورتريت يُعَبِّرُ للمُشاهدِ عمّا أعنيه ، عندما أفكِّرُ بكلمةِ أنتِ ( جميلة ، محبوبة ، إلخ .) ، لكنْ سيكون مستحيلاً علَيَّ أن أن أرسمَ البورتريت بطريقةٍ يعرفُ فيها أني أنـــا أحببتُكِ أنتِ . لُغةُ الرسمِ تفتقدٌ ، كما كانت ، الصوتَ الفعّالَ ، هذه الموضوعيّة ، بالذات ، هي التي تجعلُ ، بلا معنى ، سؤالَ المُشاهِدِ:- " أهذا حقاً بورتريت نون ( وليس لصبيٍّ ، أو قاضٍ ، أو لقاطرةٍ مموّهةٍ ) ؟" 7 محاولة " الرمزيّين " جعلَ الشِعرِ ، لازماً ، كالموسيقى ، لن تمضي أبعدَ من الفعل الإنعكاسيّ النرجسيّ - " أنا أحبُّ نفسي ". محاولةُ جعلِ الشِعرِ موضوعيّاً ، كالرسم ، لن تمضي أبعدَ من المقارنة المفردة " أ مثل ب " ،" جيم مثل د" ، " ر مثل ز" ، لن تتعدّى قصيدة صًوَريّة ( إيماجِسْتْ ) ، بضعَ كلماتٍ طولاً .
|