الأربعاء, 24 أبريل/نيسان 2024
الرئيسية
سيرة ذاتية
الاعمال الشعرية الكاملة
قصص قصيره
ديوانُ الأنهار الثلاثة
جِـــــــرارٌ بِلونِ الذهب
الحياة في خريطةٍ
عَيشة بِنْت الباشا
قصائـدُ هَـيْـرْفِـيــلْـد التلّ
طـيَـرانُ الـحِـدْأَةِ
الخطوة السابعة
الشــيوعــيّ الأخير فقط ...
أنا بَرلــيـنيّ ؟ : بــانورامـــا
الديوانُ الإيطاليّ
في البراري حيثُ البرق
قصائد مختارة
ديــوانُ صلاة الوثني
ديــوانُ الخطوة الخامسة
ديــوانُ شرفة المنزل الفقير
ديــوانُ حفيد امرىء القيس
ديــوانُ الشــيوعــيّ الأخير
ديــوانُ أغنيةُ صيّــادِ السّمَك
ديوان قصــائدُ نـيـويـورك
قصائد الحديقة العامة
صــورة أنــدريــا
ديــوانُ طَــنْــجـــة
ديوان غرفة شيراز
ديوانُ السُّونَيت
أوراقي في الـمَـهَـبّ
ديوان البنْد
ديوان خريف مكتمل
مقالات في الادب والفن
مقالات في السياسة
أراء ومتابعات
البحث الموسع
English
French
Spain
المتواجدون الان
يوجد حالياً 524 زائر على الخط
تاج الوفاء طباعة البريد الإلكترونى

سعيد حمودي
حين قال الشاعر خالد الذكر نزار قباني “شرح الشعر حماقة” كانت فكرة مراوغة هذه الخطيئة الجميلة متاحة لحماس النفس النزاعة لمقارعة المستحيل، أو تنتصب كرغبة نزقة كي تجاوز هذه العقبة الكأداء التي يضعها نزار في طريق الشراح وربما يقصد بهم النقاد الذين عادة ما يلعبون دور شرطة المرور أمام الإبداع.

وإذا كان الحال هكذا مع المنجز الشعري، فما بالك بمقاربة شاعر زاده أكثر من نصف قرن في رحلة الجمال، واكتناه الإنسان في بحاره وأكوانه وقنص جواهره المكنونة وأسراره المجنونة، هل تجوز اقتراف هذه الحماقة، سؤال مرّ، لكن السؤال الأمر هنا: كيف نكتب ملكا في الكتابة؟
أعتقد أن الأمر على خطورته ضروري وواجب لرفع تاج الوفاء لأمراء الكلمة الرائية في دنيانا الحافلة بكل خراب والصاخبة بكل الفزاعات إلا من الشعر، ولكن في الزوايا خبايا وفي الرجال بقايا.. وعلى ذكر الوفاء علينا أن نقف أمام قامة شعرية عربية معاصرة عزفت أنغام الاستثناء في ديوان الشعر العربي.. إنه الشاعر سعدي يوسف.
وكنت أتأمل في الشطآن الشعرية لسعدي يوسف دون الغوص في بحاره ـ وهو أمر صعب سلمه ـ وقفت أتلمس قيمة ثرى بالنبل والبطولة، هي قيمة الوفاء، ومن ملامح هذا الدرب الوعر في الحياة والكتابة نرى عنده الوفاء للشعر كمشروع إبداعي تنفق فيه الأعمار والأنفاس ساطعا كالشمس في ضحاها.
لقد مضى سعدي يوسف على درب الشعر لا يلوي على شيء مدركا أن عمرا واحدا ولو طال به الأمد لا يكفي لنظرة عجلى في كون الشعر المتراحب، وهذا يعرب عن نفاسة الإيمان بقداسة المشروع الإبداعي والالتحام به حد الموت ليقول جوهره أو ظلالا منحوته من هذا الإيمان الذي عادة ما يرفع ثلة من الشعراء قمة السحاب، وليكونوا على مر الأيام علامات جمالية مسجلة لا تقبل النسخ أو الإستنساخ، وتحيل آخرين على هامش الارتباك، والانتظار على قائمة الإحتياط أملا في دخول الملعب الشعري ولو لدقائق معدودة.
فعلا هذا ما استطاعه سعدي يوسف في ركح شعري عربي كان نجومه من أمثال: بدر شاكر السياب، عبد الوهاب البياتي، بلند الحيدري، أدونيس، نزار قباني، مظفر النواب، صلاح عبد الصبور، أحمد عبد المعطي حجازي، حسب الشيخ جعفر، محمود درويش وأسماء أخرى، وكانت له معهم على الركح جولات شعرية مضيئة في ليالي الشرق.
ودوزن جملته الشعرية “والتي لا مبالغة في القول بأنها تكاد تكون نسيج وحدها في الشعرية العربية المعاصرة” وقد وفر لها الشاعر فيما بعد “أهلية الأداء الشعري والاقتدار على النهوض بشواغله التخييلية واحتداماته الرؤياوية” كما يقول الناقد المغربي بن عيسى بوحمالة.
ومن رحم الوفاء تشرق الجملة الشعرية لهولدرلين “مفعما بالجدارات، لكن شعريا يقيم الإنسان فوق هذه الأرض” ومن خواطر مارتين هايدغر في مقارعة هذا المعنى أن الإنسان دائم الحركة وأن فكرة السكن مرتبطة بمفهوم الوجود، لكن “نحن على سفر دائم، تارة نقيم هنا وتارة هناك، وبهذا المعنى يكون السكن مجرد امتلاك لمسكن”، وهكذا أقام سعدي يوسف مفعما بالشعر كأجمل سكنى وسكينة.
وشعريا أيضا رفع سعدي لواء الوفاء لجوهر الشعر من منظور التلبس به والتوحد معه تلويحا لرهان الشعر الأكبر، وهو الذهاب بعيدا في أغوار المعنى المشرد في الذات وفي الجموع وفي أسئلة الوجود القلقة، ومن ثمة ركوب جواد التجاوز وصناعة الفارق في التشكيل الشعري في بنية الكتابة أولا ثم في السياحة في آفاق الرؤيا النافذة المتعالية على الوجود كواقع إلى آفاق الماوراء والجواني على السواء.
وبناء على ما سبق يطلع علينا قمر الوفاء للقضايا الكبرى في منجز سعدي يوسف.. وفاء يعانق الالتزام ليس في حدوده السياسية أو في سطحياته الأيديولوجية.
كان التزاما بالإنسان وبالأوطان وبالوجدان.. هنا تنحت فردية وفردانية الشاعر كونيته الأرقى، وكأني به مع الشاعر بوشكين يهتف “أيها الشاعر أنت المحكمة العليا لذاتك”، ولعل أبرز ما نجد ذلك في قصيدته الشهيرة “عبور الوادي الكبير” التي تسائل الجرح الغائر في الوجدان العربي وهو سقوط الأندلس وموت الأسطورة.
القصيدة بكائية تكون أو سؤالا أو استفزازا أو تفجيرا أو استنهاضا وكيفما كانت رفعت عنوان الوفاء حنينا إلى فردوس الأندلس، تقول الناقدة فاطمة المحسن “معظم القصائد التي كتبها في بغداد كانت تأتيه في مدن المنفى التي أحبها وتآلف معها، في حين معظم القصائد التي كتبها في مدن المنفى كانت بغداد والبصرة حاضرة فيها، إنه محكوم بالحنين للمدن التي يسعى إليها ويضيعها”.
ولابأس في هذه الإلماعة الخفيفة أن نستأنس بما أشار إليه الدكتور عثمان سعدي في الصحافة الوطنية، مؤخرا، حول إسهام الشاعر سعدي يوسف بمجموعة من القصائد في كتابة الثورة الجزائرية نضاليا وجماليا يؤكد انخراطه في قضايا أمته وصلته الأوثق بنصرة الإنسان والدفاع عن حريته.
ولتكن خفقات هذا الشاعر عطر ختام لقيمة الوفاء التي ظلت تاجا على قلبه، وهو يبذل جراح الحب للجزائر “أنا لست أملك بندقية، لكنهم لو يسمحون هنا لأسرعنا إليك، ولبعت أوراقي ومكتبتي وجئت ببندقية، ولكنت جنديا لديك، أمضي وأقتل في المدينة، من أجل أطفال المدينة، ولنسمة من برشلونة، ولوجهك العربي يا ضوء الشمال، قلبي يرف على سفينة”.
سعيد حمودي

اخر تحديث الثلاثاء, 16 أكتوبر/تشرين أول 2012 15:34
 
saaidiy.jpg
فيلم " الأخضر بن يوسف "
لمشاهدة فيلم الأخضر بن يوسف اضغط هنا
المواضيع الاكثر قراءه
البحث