بسحرِ ساحرٍ ، وكما في الألاعيب البهلوانية ، أو قصص ألف ليلةٍ وليلة ، مُـسِـخَ سارقُ المصارفِ المطلوبُ من الشرطة الدولية ، جنـرالاً أصلعَ ، يتوسّـطُ ( لا يتقدمُ ) طابوراً عجيباً ، أفرادُهُ إسرائيليون يجيدون اللهجةَ العراقية وبقايا من جيش أنطوان لحد المسؤول عن مجزرة صبرا وشاتيلا ، وفالاشا عراقيو الأصل مـمّـن درّبهم الأميركيون في هنغاريا على أعمال السلب والنهب وإشعال الحرائق والإغتيال وإثارة الفِـتَـن . هذا الجنرال ، يبدو ضاحكاً مضحكاً ، وهو يستعرضُ
أفرادَه ، غير بعيدٍ عن الجنود الأميركيين ، الذين يراقبون ما يجري ، من موقع المحترِفِ ، بنوعٍ من السخرية الصامتة . منذ أمدٍ بعيدٍ ، ظلَّ سارق المصارف يحاول إقناعَ سادته الأميركيين بجدواه ومكانته وثقله السياسي بل العسكري ، لكن هؤلاء ، بعد أن أتموا احتلالهم بمنتهى الـيُسْـرِ ، معتمدين على أنفسهم وجبروتهم العسكري ، تأكدوا من أن سارق المصارفِ ليس غيرَ كاذبٍ بائسٍ ، لا حولَ له ولا قوّة ، فصرفوا النظر عنه ، وظلوا يماطلون في عقد الإجتماع العاجل الذي كان يلـحُّ عليه استباقاً للأحداثِ ، وقبل أن يفيق الناسُ من ذهول الصدمة الأولى . لقد أثبتت التطوراتُ في النجف ، جسامةَ العقباتِ والعواقب ، المتصلة بفرض حكمٍ ما للعملاء من أمثال سارق المصارف.كما أن البوادر الأولية للحراك الوطني الشعبي ( التظاهرات – إعادة افتتاح مقرات أحزابٍ وطنية…إلخ ) جعلتْ هذه الجسامةَ ملموســةً تماماً . إذاً ، لماذا يستعرض الجنرالُ الأصلعُ طابورَه البائس؟ أعتقدُ أنه يريد بهذا أمرَينِ : الأول: جلْـب اهتمام المحتلين إلى إمكان الإستفادة من خدماته ( في النهب والسلب وإثارة الفتن ). الثاني : محاولة تخويف الناس والأحزاب والحركات الوطنية . لكن الأميركيين _ كما يبدو _ متجهون إلى حكمٍ مباشرٍ يتولونه هم ، بمساعدةٍ من خبرائهم هم ، وحتى لو عقدوا الإجتماع المزمع أو غير المزمع ، في الناصرية أو بغداد ، فإن هذا لن يكون ســوى تغطيةٍ أخرى للإحتلال ، مثل ما تـمَّ في فندقَـي الهيلتون ميتروبوليتان ونوفوتيل ، بالعاصمة البريطانية . لقد جاء استعراضُ الطابور متأخراً ، متأخراً جداً . والشعب العراقي أفاقَ من ذهول الصدمة . لندن 14 / 4 / 2003
|