الجمعة, 19 أبريل/نيسان 2024
الرئيسية
سيرة ذاتية
الاعمال الشعرية الكاملة
قصص قصيره
ديوانُ الأنهار الثلاثة
جِـــــــرارٌ بِلونِ الذهب
الحياة في خريطةٍ
عَيشة بِنْت الباشا
قصائـدُ هَـيْـرْفِـيــلْـد التلّ
طـيَـرانُ الـحِـدْأَةِ
الخطوة السابعة
الشــيوعــيّ الأخير فقط ...
أنا بَرلــيـنيّ ؟ : بــانورامـــا
الديوانُ الإيطاليّ
في البراري حيثُ البرق
قصائد مختارة
ديــوانُ صلاة الوثني
ديــوانُ الخطوة الخامسة
ديــوانُ شرفة المنزل الفقير
ديــوانُ حفيد امرىء القيس
ديــوانُ الشــيوعــيّ الأخير
ديــوانُ أغنيةُ صيّــادِ السّمَك
ديوان قصــائدُ نـيـويـورك
قصائد الحديقة العامة
صــورة أنــدريــا
ديــوانُ طَــنْــجـــة
ديوان غرفة شيراز
ديوانُ السُّونَيت
أوراقي في الـمَـهَـبّ
ديوان البنْد
ديوان خريف مكتمل
مقالات في الادب والفن
مقالات في السياسة
أراء ومتابعات
البحث الموسع
English
French
Spain
المتواجدون الان
يوجد حالياً 273 زائر على الخط
سعدي يوسف.. يكتب ديوان طنجة! طباعة البريد الإلكترونى

سيدة الأنوار السبعة.. أغنية البحار

جريدة النهضة/ زيد قطريب
هو كتاب يضاف إلى دواوين الأماكن التي كتبها سعدي خلال السنين الماضية، هذا الالتقاط الماهر والخاص الذي يقوم به الشاعر تجاه المدن والشوارع وحافلات النقل ووجوه الناس، يبدو مسكوناً بذاتية سعدي يوسف قبل كل شيء، لدرجة أننا نشعره يكتب نفسه في مواجهة تلك الأمكنة، ما يستدعي ذلك من تداعيات ثقافية وتاريخية ومجموعة انطباعات احتفظ بها في الذاكرة

ثم بدأ يستحضرها الآن كأنه في جردة حساب كاملة مع المكان بعد أن كان مؤجلاً كل هذه الجمل حتى تحين هذه اللحظة..
منذ البداية يحضر ضمير الأنا في نص سعدي وفي طبيعة تلقفه للمكان واستقرائه له:
أجلس في المقهى
مقهى القديسة باولا
منذ الصباح الباكر أجلس في المقهى:
طنجة تستيقظ
لست أنا من يوقظ طنجة..
من قال: الحلم ينام؟.
يحسن سعدي إعادة خلق المكان بخبرته ومهارته كأنه صاحب معمل كبير للجغرافيا، ينبش الحانات والأرصفة ووجوه البشر الغرباء ثم يعيد تكوينهم في واقع موازٍ وجميل، فيه الكثير من الجماليات التي كانت غائبة عن المتابع العادي الذي يبدأ الآن مع انطلاق النص بالتعرف إلى أماكن القوة والضعف في هذه التفاصيل، هي بانوراما كاملة تشبه مدن الخيال، لدرجة أن القارئ يحسد المكان الذي يفرده الشاعر على هذا النحو من الرهافة وحسن الاقتناص:
27 شارع موسى بن نصير
حيث متاهة طنجة تبدأ
حيث يضيق الشارع والعيش
وحيث تضيق الفتيات بما قُدّرَ
في 17 شارع موسى بن نصير
صارت لي الغرفة 15
لا أدري كيف وصلت إلى هذي الغرفة
من أوصلني؟
من قال: هي المأوى والجنة؟
من أغلق باب الغرفة ثم مضى دون سلام وكلام؟
تحضر الجمل القصيرة التي تبدو وكأنها تأخذ مكانها دون عناء أو استفاضة، تغرّد خارج سرب كاميرا العين الدقيقة التي يديرها الشاعر بذكاء تجاه كل شيء.. هذه المختصرات على بانوراميتها تفاجئنا بمعترضات من الإسهاب الذي يبدو ضرورياً بالنسبة للشاعر، ورغم أننا عدة نصوص تخصص للحانات مع اختلافات كبيرة بين كل واحدة وأخرى، إلا أن شهية النص مع دفق الذاكرة تجعل الشاعر يبدو في جوّ مختلف تماماً عن السائد في مقاربة الأمكنة:
تماماً
حين تكون الساعة في طنجة 12
أي في الظهر تماماً
أدخل في الحانة..
(كنتُ تعلمت أكيداً من سركون بولص أن دخول الحانة قبل الساعة 12 خطر جداً، أي إنك سوف تكون المدمن!).
ولأن طنجة قادرة على إذاقة الشاعر «كأس النعاس الأليم»، يفك الشاعر مجموعة الخرائط الكثيرة التي توصله إلى خباياها، كأنه يبحث عن سر المفتاح الذي ينطوي على الكنوز الثمينة التي لم يحصل عليها أحد:
ليس لديك خرائط كي تقرأ الليل
أو أن ثمَّ خرائط جاهزة للضياع:
أقم حيثما شئت
قل مثل ما شئت
كل مثل ما شئتَ
لن ينفع الأمر:
سوف تظل المضيع
لن تهتدي بالسؤال عن الباب
حتى ولو كان الباب أنتَ..
تحضر لغة المخاطب في نصوص سعدي، خاصة في هذا النوع الذي يحاكي المدن والأمكنة محاولاً فك إزارها، تلك اللغة التي تفترض شخصاً غائباً يستدعيه المكان والذاكرة كي يكون شاهداً على ما يجري الآن من مواجهة تبدو مريرة بقدر ما هي مغرية وشائقة بالنسبة إليه، فالشاعر يبدو كما يعيد إنتاج المشهد بخبرته ومباضعه الدقيقة.. سعدي يعيد تفكيك المكان وترتيبه على نحو شهي وجديد:
إن مضينا عميقاً مع البحر
في الفجر..
ماذا سنخسر غير الذي قد ينوء به البحر
من هول أغلالنا؟
فلنكن في شواطئ إيجة
ليلاً نهاراً
لنغرق أصابعنا في نبيذ الأغارقة..
الليل حرٌّ
نذوق انكساراته بالأصابع..
تبدو مآلات سعدي يوسف وخلاصاته حصيلة مشاهدات هائلة على صعيد الأمكنة، وهذا يبدو طبيعياً تبعاً لعامل السفر وزيارة مختلف البلدان، فهو هنا يفردها على طاولته الثقافية الغنية التي تبدو موغلة في التاريخ حيناً ومرات أخرى تحاكي الآن منطلقة من ذلك الرصيد الأبدي، الذي لا يفتأ يدق في ذاكرة سعدي ويدفعه للكشف المختلف في كل مرة..
تكونين بيتي...
كلما ضقت بالسرى
دخلت سريعاً فيك
بابك ضيق
صقيل ورطب..
غير أني أريده على ضيقه
تلك الرطوبة نعمة من الله
إن جئت العشية لاهثاً
وقلت بها..
ما ألطف البيت، جنتي!.

اخر تحديث السبت, 07 يناير/كانون ثان 2012 12:44
 
alshywie.jpg
فيلم " الأخضر بن يوسف "
لمشاهدة فيلم الأخضر بن يوسف اضغط هنا
المواضيع الاكثر قراءه
البحث